احتجاز جثامين الشهداء مخالفة قانونية وعقاب شعبي

تاريخ النشر: 01/12/15 | 9:53

“حالة من القلق والانتظار تنتابنا على مدار الأربعة والعشرين ساعة يوميا، نتساءل عن مصير أبنائنا الشهداء، أسئلة كثيرة تجتاحني، هل سأقبل رأس نجلي؟، وهل سألبسه كفنه الذي عبّقته بالعطر الفاخر الذي يليق بمنزلته؟ ترى هل ستزفه الجماهير إلى مرقده الأخير الذي فتح منذ نبأ استشهاده ومازال منتظرا أن يحتضنه؟ ”
اغرورقت عينا محمد عليان والد الشهيد بهاء عند حديثه عن مكان نجله المحتجز في ثلاجات الاحتلال منذ ما يزيد عن 40 يوما، وعن مسار قضية استعادة جثامين الشهداء البالغ عددهم 38 جثمانا من بينهم 13 جثمان شهيد مقدسي، حيث أن القضية تلازم مكانها منذ احتجاز جثمان الشهيد ثائر أبو غزالة في الثامن من أكتوبر الماضي.
وقال عليان إن كل ما جرى بين المحامين المسؤولين عن قضية استلام جثامين الشهداء وبين الاحتلال لا يتخطى المكاتبات التي تطالب بتسليم الجثامين لدفنهم حسب الشريعة الاسلامية وبطريقة تليق بهم وبإنسانيتهم، إلا أن الرد الاسرائيلي كان سلبيا دائما، لذرائع واهية تتمثل بأن تسليم جثامين الشهداء ستعيد اشعال الهبة الشعبية كما يرى المسؤولون الاسرائيليون.
لا يراهن ذوو الشهداء على الاحتلال في تسليم جثامينهم، إنما يعولون على الضغط الشعبي في تغيير القرار الاسرائيلي، كما ويعولون عليه للضغط على السلطة الوطنية الفلسطينية للتحرك في سبيل نصرة قضية شهداء هبة القدس وإرجاعهم إلى ذويهم وأهلهم، لأنه عندما تسقط أول قطرة دم للشهيد يصبح ملكا للوطن وليس ملكا لعائلته كما يرى عليان.
يزداد قلق ذوي الشهداء كلما زادت مدة احتجاز الاحتلال لجثامين أبنائهم وذلك بسبب عدم معرفتهم للظروف المحفوظة بها جثامين أبنائهم، حيث ترتفع عندهم احتمالية أن يكون الاحتلال قد سرق أعضاءهم، وكذلك يزيد من احتمال أن يقوم الاحتلال بدفنهم في ما يسمى بمقابر الأرقام بسبب زيادة عدد الشهداء وعدم وجود ثلاجات كافية للاحتفاظ بهم ريثما يتم تسليمهم لذويهم.
ومن ناحية قانونية قالت مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الانسان في بيان لها إن اتفاقية جنيف الرابعة والبروتكول الإضافي الأول الملحق باتفاقيات جنيف، الذي يعتبر جزءاً من القانون الدولي العرفي الملزم لجميع الدول، يرفض بشكل صريح دفن من يسقطون في أعمال القتال إلا باحترام وعلى الدول اتباع إجراءات دفن تتناسب وثقافة القتلى الدينية، وبمجرد أن تسمح الظروف، عليها واجب تقديم بيانات ومعلومات وافية عنهم، وحماية مدافنهم وصيانتها وتسهيل وصول أسر الموتى إلى مدافن الموتى واتخاذ الترتيبات العملية بشأن ذلك، وتسهيل عودة رفات الموتى وأمتعتهم الشخصية إلى وطنهم.
وأضافت أن الممارسات الإسرائيلية تخالف قرارات المحاكم الاسرائيلية بهذا الشأن، ومنها محكمة العدل العليا التي اعتبرت أن مبدأ الكرامة الانسانية ينطبق على الجثث مثلما ينطبق على الأحياء ويمتد ليشمل أسر الضحايا وذويهم.
وذكرت الضمير في بيانها أن قيادة جيش الاحتلال كانت قد قدمت التزاماً للمحكمة العليا الاسرائيلية في جلسة عقدت للنظر في تسليم الجثامين المحتجزة، بتاريخ 13 تموز الماضي، بأنها سوف تتوقف، اعتباراً من ذلك التاريخ، عن احتجاز الجثامين، وأنها سوف تعيد الجثامين التي تحتجزها بعد التعرف عليها بواسطة الفحص الجيني (الـ دي ان ايه).
وبينت أن سلطات الاحتلال تمنع اجراء تشريح عدلي للجثامين، وبذلك يتم اخفاء جزء من الأدلة والبراهين على جرائم القتل خارج نطاق القانون، وبدون اي تهمة واضحة كما حدث في حالة اغتيال الطفل معتز عويسات على سبيل المثال، والذي أطلق جنود الاحتلال النار عليه في منطقة جبل المكبر حيث كان متوجها الى مقاعد الدراسة.
وأردفت أن سلطات الاحتلال تخفي أي معلومات حول هذه الجثامين، ولا تعطي عائلاتهم شهادات وفاة حسب الأصول.
ومن جانبه قال المختص بالشأن الاسرائيلي عادل شديد لـ”كيوبرس” إن الاحتلال يحاول من خلال احتجاز جثامين الشهداء الضغط على المجتمع الفلسطيني لإيقاف هبته، وخاصة مع اصراره على احتجاز جثامين 4 شهيدات، الأمر الذي يعرف الاسرائيليون أنه غير مقبول بتاتا من قبل الفلسطينيين، فيحاول مساومتهم بطريقة غير مباشرة بين ايقاف الهبة واستعادة الجثامين.
واستبعد شديد أن يقوم الاحتلال بدفن جثامين الشهداء المحتجزة في مقابر الأرقام، كون هذه المقابر شكلت اشكالية لديه كون الكثير من القبور في تلك المقابر ضاعت معلومات المدفونين فيها بسبب العوامل البيئية والجوية، مما يشكل مسائلة كبيرة في حقه.
وأوضح أن اسرائيل تحاول من احتفاظها بجثامين الشهداء في الثلاجات، ليكونوا ثمن لتبادل أسرى اسرائيليين أو جثامين جنود تحتفظ بهم المقاومة الفلسطينية.
وعن دور السلطة الوطنية الفلسطينية في استعادة جثامين الشهداء قال شديد إن دور السلطة الوطنية الفلسطينية ينحصر في المطالبة بالجثامين من خلال المحافل الدولية، لكن السلطة لن تسعى في تلك الخطوة بحسب رأيه لأنها غير مستعدة لدفع الثمن الذي ستطلبه سلطات الاحتلال مقابل تسليم الجثامين.
وأضاف أن دول العالم منشغلة بأمور تعتقد أنها أكبر من قضية استعادة جثامين الشهداء، وذلك بسبب الأحداث التي طرأت على العالم مؤخرا وانشغال الدول العظمى فيما يسمى بمحاربة الارهاب لذلك لا يوجد ضغط دولي على اسرائيل للتخفيف من اجراءاتها التصعيدية.
وبين شديد أن التحرك الشعبي الفلسطيني من خلال الخروج بمظاهرات ومسيرات مطالبة باسترداد جثامين الشهداء لن يزيد الاحتلال إلا إصرارا وتعنتا على ألا يسلم جثامين الشهداء إلا من خلال تحقيق أهداف سياسية وميدانية، ولذلك فهو يرى أنه على التحرك الشعبي عدم الالتفات بشكل مباشر لقضية الجثامين بل عليه التركيز على الهدف الأساسي من الهبة الشعبية وهو القدس ومناهضة الاحتلال.
وأضاف أن اسرائيل تعتبر جثامين الشهداء بمثابة الورقة الأخيرة التي تعول عليها في اخماد الهبة، وذلك بسبب افلاس حكومتها في قمع هبة القدس واخمادها على مدار شهرين، فعلى الفلسطينيين كما يرى عادل شديد بأن لا يعطوا اسرائيل الفرصة للمساومة.
ويذكر أن اسرائيل تحتجز قرابة 268 جثمانا فيما يسمى مقابر الأرقام، ولا تسمح السلطات الاسرائيلية بإعطاء معلومات عن مكان هذه المقابر ولا زيارتها.

كيوبرس

1

2

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة