حرمة دم المسلم

تاريخ النشر: 03/10/15 | 10:20

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين، أما بعد:
لقد دلت النصوص الشرعية من آيات كثيرة في كتاب الله عز وجل وأحاديث على مكانة الإنسان في الإسلام، ومن ذلك قول الله تعالى: “ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلًا” (الإسراء: 70)، ومن ذلك أيضًا، قوله عز وجل: “وَلَقَدۡ خَلَقۡنَٰكُمۡ ثُمَّ صَوَّرۡنَٰكُمۡ ثُمَّ قُلۡنَا لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ لَمۡ يَكُن مِّنَ ٱلسَّٰجِدِينَ” (الأعراف: 11)، سجود احترام وكرامة لهذا المخلوق ولذريته من بعده.
وقد جاءت المقاصد الشرعية والأحكام الشرعية الكبرى مجسدةً لهذا التكريم، وذلك أنها جاءت – كما قال العلماء- لحفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لَزوالُ الدُّنيا أَهْوَنُ على اللَّهِ مِن قتلِ مؤمنٍ بغيرِ حقٍّ (ابن ماجه)
جاءت الشريعة الإسلامية لحفظ النفس، فبين الله عز وجل أنه لا يجوز لمسلم أن يمس أخيه المسلم بسوء، ورتب على من قتل مسلما خطأ الكفارة فقال عز وجل: “وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ…” (النساء: 92).
وقبل الوصول إلى مرحلة القتل الخطأ، سدت الشريعة الذرائع والطرق المؤدية للقتل فقال صلى الله عليه وسلم:”لا يُشيرُ أحدُكم على أخيهِ بالسلاحِ، فإنَّهُ لا يدري، لعلَّ الشيطانَ ينزغُ في يدِه، فيقعُ في حفرةٍ من النارِ” (البخاري)
وقال صلى الله عليه وسلم: “إذا مرَّ أحدُكم في مسجدنا، أو في سُوقِنا، ومعه نبلٌ، فليُمسك على نِصالها، أن يُصيبَ أحدًا من المسلمين منها بشيٍء” (متفق عليه)
وقد ورد في الصحيحين أن عبد اللهِ بنُ المُغفَّلِ رأى رجلًا من أصحابِه يخذفُ. فقال له: لا تَخذِفْ. فإنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان ينهى عن الخَذْفِ، فإنه لا يُصطادُ به الصّيدُ، ولا يُنكأُ به العدوُّ. ولكنه يكسِر السِّنَّ ويفقأُ العَين..
وأما من يقتل مسلما متعمدا فله عقوبة دنيوية وفي الآخرة العذاب الشديد، وقد بين الله ذلك في قوله: “ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما” (النساء: 93)
وقال صلى الله عليه وسلم: لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والمفارق لدينه التارك للجماعة. (البخاري)
أخي المسلم، إن شأن الدماء في الإسلام عظيم، وهو أول ما يُقضى فيه يوم القيامة بين الخلائق، قال صلى الله عليه وسلم: “أوّلُ ما يُقضَى بينَ الناسِ يومَ القيامةِ، في الدِّمَاءِ”. (مسلم)
وقد أكّد عليه الصلاة والسلام على حرمة الدماء في أحديث كثيرة حيث قال: “كلُّ المسلمِ علَى المسلمِ حرامٌ، دمُهُ، ومالُهُ، وَعِرْضُهُ” (مسلم)
وقال صلى الله عليه وسلم: يجيءُ المقتولُ بالقاتلِ يومَ القيامةِ ناصيتُهُ ورأسُهُ بيدِهِ وأوداجُهُ تشخَبُ دمًا يقولُ يا ربِّ هذا قتلَني حتَّى يُدنيَهُ منَ العرشِ، وذَكروا لابنِ عبَّاسٍ التَّوبةَ فتلا قول الله تعالى: “وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ”، ثم قالَ ما نُسخَت هذِهِ الآيةُ ولا بُدِّلت وأنَّى لَهُ التَّوبةُ (الترمذي)
وقال صلى الله عليه وسلم: “اجتنبوا السبعَ الموبقاتِ. قالوا: يا رسولَ اللهِ، وما هن ؟ قال: الشركُ باللهِ، والسحرُ، وقتلُ النفسِ التي حرّم اللهُ إلا بالحقِّ..” (البخاري)
وقال صلى الله عليه وسلم:” لا يزالُ المؤمنُ في فسحةٍ من دينِه، ما لم يصبْ دمًا حرامًا ” (البخاري)
وقال تعالى: “قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا… وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ” (الأنعام: 151)
أخي المسلم، الاعتداء على النفس هو اعتداء على حرمة البشر جميعا، حيث يقول عز وجل:
“مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا…” قال ابن عباس – رضي الله عنه -: {من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً}. فإحياؤها بأن لا يقتل نفساً حرمها الله، فذاك أحيا الناس جميعاً.
هذا وتسعى مؤسسة حراء إلى تعظيم أمر الدماء والتنبيه على خطورته، لتنشأ جيلًا بعيدًا عن يسعى إلى الإصلاح، مبتعدًا عن أذى المسلمين، جيلًا يكون هو النافع لنفسه ولمجتمعه وللأمة جمعاء.

1

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة