الأقصى أمام تصعيد وواقع ميداني يتلاءم مع مخططات الإحتلال

تاريخ النشر: 03/09/15 | 15:01

ان واضحا بعد انتهاء شهر رمضان المبارك في العام الجاري، أن الاحتلال يعتزم تنفيذ تصعيد جديد بحق المسجد الأقصى، وذلك بعد نحو سنة من العمل المتواصل الظاهر والخفي، لضرب وتحييد كل نشاط ينتصر لقضية القدس والمسجد الأقصى. وحاول الاحتلال حينها خلق أجواء من “الهدوء” الموهوم، بهدف “تخدير” ردة الفعل المحلية والعالمية على جرائمه والتي كان من نتائجها الواضحة على المستوى السياسي، إعادة السفير الأردني بتاريخ 2 فبراير الى إسرائيل، وهو أمر على الصعيد السياسي والأمني فيها.

وبدت ملامح مرحلة التصعيد الاحتلالي الجديد في أحداث ما يسمى بذكرى خراب الهيكل بتاريخ 26/7/2015، وما رافقها من اقتحام مئات المستوطنين وافراد الجماعات اليهودية الاقصى، وكذلك اقتحامه من قبل المئات من عناصر القوات الخاصة والاعتداء على المصلين وعلى أبنية المسجد الأقصى، وكان أبرز هذه الاقتحامات اقتحام الوزير “أوري أريئيل”، على الرغم من صدور قرار إسرائيلي يحظر ذلك على الشخصيات السياسية والقيادية.

كل الإشارات والقرائن في الأسبوعين الأخيرين تدلّ على نية الاحتلال رفع مستوى التصعيد في المسجد الأقصى، خاصة فيما يسمى بموسم الأعياد اليهودية، والتي تنطلق بتاريخ 13/9/2015 وتُستهل بعيد “راس السنة العبري”، ثم عيد” كيبور”- الغفران”، ثم عيد “العرش” – سوكوت” ويختتم بما يسمى بـ “فرحة التوراة” بتاريخ 6/10/2015، بمعنى أننا سنكون في موسم أعياد يهودية تستمر لنحو شهر، ومعلوم أن الجماعات والمنظمات اليهودية ومنها المستوطنون وكذلك الوزراء وأعضاء الكنيست، يحاولون استثمار هذه الأعياد لمزيد من الاقتحامات ومحاولة فرض واقع جديد في المسجد الأقصى.

جملة من التصريحات وقرارات الاحتلال بأذرعه المختلفة تشير الى أن الأخير يعتزم التصعيد خلال الفترة المقبلة القريبة، لكنه يتخوّف من ردود الأفعال الممكنة على المستوى الشعبي والتي قد تشابه ردود الأفعال في السنة الماضية وما رافقها من عمليات طعن ودهس فردية. التحرك الميداني على الأرض دفع رئيس الحكومة الإسرائيلية “نتنياهو” لعقد اجتماع طارئ على المستوى الأمني بمشاركة وزير الجيش “موشي يعالون” ووزير الامن الداخلي والشرطة “جلعاد أردان” ووزير المواصلات والاستخبارات يسرائيل كاتس، ووزيرة القضاء أييلت شكيد ورئيس جهاز” الشاباك” يورام كوهين. وناقش الاجتماع الأمني الوضع في القدس المحتلة، وأشارت معلومات صحفية بأن الاجتماع أفضى الى الاتفاق على إضافة كتيبتين من قوات حرس الحدود و400 شرطي، هذا بالإضافة الى زيادة عدد وحدات القوات الخاصة التي أضيفت العام الماضي، ناهيك عن وجود القوات الخاصة التي تعمل حاليا وبشكل دائم في القدس المحتلة.

وعلى صعيد التصريحات فقد طالب ” أردان” من “يعالون” حظر منظمتي “المرابطون والمرابطات” علما انه لا يوجد شيء من هذا القبيل على أرض الواقع، لكن والمهم في هذا التصريح ما أعقبه من ممارسات احتلالية خطيرة ميدانياً على مستوى المسجد الأقصى خلال الأسبوعين الأخيرين ابتداءً من تاريخ 23/8/2015، تمثلت فيما يلي.
1- إغلاق عدة أبواب من أبواب المسجد الأقصى في الفترة الصباحية ( 7:30/11.00)، وإبقاء على ثلاث أو أربع أبواب مفتوحة، بالإضافة الى فتح باب المغاربة الذي يخصصه الاحتلال لاقتحامات المستوطنين ودخول السياح الأجانب.
2- تكثيف عدد عناصر قوات الاحتلال بتشكيلاتهم المختلفة عند جميع الأبواب.
3- نصب الحواجز العسكرية الحديدية في النقاط والأزقة الواصلة الى أبواب الأقصى، بالإضافة الى الحواجز الدائمة عند البوابات نفسها.
4- منع دخول النساء من جميع الأجيال الى المسجد الأقصى من الساعة 7:30 صباحاً وحتى الساعة 11:00 ظهرا.
5- منع حراس المسجد الأقصى من الاقتراب من مجموعات المستوطنين الذين اقتحموا الأقصى في الفترتين الصباحية، وما بعد الظهر ( 13:00-14:30).
6- حجز البطاقات الشخصية للرجال الداخلين الى الأقصى، وتهديدهم بتحويل بطاقاتهم الى مركز التحقيق الشرطي في ” القشلة” في حال قيامهم بأي نشاط ضد اقتحامات المستوطنين، ومن ضمنه تحذيرهم من التكبيرات.
7- اقتحام المستوطنين بمجموعات وتنظيم كل مجموعة جولة في مسار طويل في الأقصى ( باب المغاربة، منطقة المتحف الإسلامي، قبالة المصلى القبلي، الميضأة، سطح المرواني جنوب شرق، سطح المرواني الشرقي، المنطقة الشرقية، منطقة باب الرحمة، الجهة والبوائك الشمالية، المنطقة الغربية ( سبيل قايتباي والخروج من باب السلسلة).
8- الجولة مطولة تخللها محطات وقوف وشرح واحيانا تأدية صلوات يهودية صامتة وأخرى مع تحريك الوجه واليدين.
9- تخصيص وتحديد منطقة عازلة في منطقة شارع باب السلسلة، وحصر المصلين الممنوعين من دخول الأقصى خاصة النساء في هذه المنطقة، وتحديد مسار لخروج المستوطنين المقتحمين للأقصى من باب السلسلة الى منطقة باب الواد وليس الى منطقة شارع السلسلة ومنطقة البراق.
10- الاعتداء اللفظي والجسدي على المرابطات خاصة عند منطقة باب السلسلة، وكذلك على المرابطين من الرجال.
11- الاشتراط على النساء الداخلات الى الأقصى بعد الساعة 11:00 بتسليم بطاقاتهن الشخصية عند البوابات، خاصة الداخلات من باب السلسلة.
12- التضييق غير المسبوق على الطواقم الصحفية، وتغريم عدد من المصورين من قبل بلدية الاحتلال، بادعاء وضع حاملة الكاميرا ” ترايبود” في وسط الطريق، وإعاقة المرور.
13- تحريض إعلامي مستمر على المرابطين في المسجد الأقصى، وعلى كل ناشط في قضية الدفاع عنه.
14- استفزازات مستمرة من قبل المجموعات اليهودية التي تقتحم المسجد الأقصى بشتى الطرق.
15- الاعتقالات المستمرة والابعادات عن القدس والمسجد الأقصى، بحق النساء والرجال، وصلت الى حدّ اعتقال النساء من بيوتهنّ ليلاً، وتحويلهن مباشرة الى التحقيق في أروقة المخابرات.
16- إبعاد ستة حراس عن المسجد الأقصى لمدة شهرين، بسبب اقترابهم من المستوطنين خلال اقتحاماتهم للأقصى.

هذه الممارسات الاحتلالية أدت الى جملة من الردود والتصريحات والتعقيبات.
1- فبينما استحسنها المستوطنون والشخصيات اليهودية الفاعلة في تنظيم الاقتحامات، واعتبروها مرحلة جديدة في التعامل مع المصلين أو المرابطين والمرابطات في الأقصى، توفر لهم أجواء مريحة للاقتحام ولربما أكثر من ذلك، حيث أبدى هؤلاء فرحتهم بهذا النهج الاحتلالي ونشروا صوراً وأخباراً عن اقتحاماتهم وصلواتهم اليهودية في الأقصى، لكن هؤلاء اعتبروا الخطوة أولية يجب ان تتابع وتتواصل لتصل الى مرحلة الصلوات اليهودية الفعلية والجهرية في الأقصى، وبالتالي فسينظم هؤلاء نشاطات ومظاهرات تطالب بفرض الصلوات اليهودية، حيث ستنظم مظاهرة الاحد القادم 6/9/2015، في مدينة القدس المحتلة ومدينة يافا-تل ابيب.
2- حذّرت شخصيات قيادية مقدسية فاعلة لنصرة القدس والأقصى، أن ممارسات الاحتلال هي جزء من محاولات الاحتلال لفرض أمر واقع جديد في الأقصى، وتهيئة ميدانية وإعلامية لمحاولات فرض تقسيم زماني للأقصى بين المسلمين واليهود، قد تكون أول بوادر هذه المحاولات خلال الأعياد اليهودية القريبة.
3- اكتفت الدوائر الرسمية إسلاميا وعربياً وفلسطينياً ببيانات الشجب والتنديد، أو التحذير اللفظي، من تبعات النهج الاحتلالي وتصعيده الآني والمحتمل مستقبلاً.

بناء على ما ذكر نميل الى استخلاص ما يلي:
1- الاحتلال الإسرائيلي يسعى الى تحييد كل من يمكن أن يؤثر ويتصدى لاقتحامات قد تكون أوسع في الفترة القريبة القادمة، بالذات المرابطين والمرابطات.
2- خلق حالة من الترهيب والتخويف، للتأثير على مستوى تكثيف حملات شد الرحال والتواصل مع المسجد الأقصى، وأيام النفير والاعتكافات في المسجد الأقصى نفسه أو حوله.
3- تحييد أو تقليص دور حراس المسجد الأقصى في الدفاع عنه وحمايته من الانتهاكات والاعتداءات.
4- التقليل قدر الإمكان من نقل الصورة الحقيقية والميدانية لاعتداءات الاحتلال، من خلال تضييقه واستهدافه الطواقم الإعلامية.
5- يهدف الاحتلال الى تحقيق “مسار آمن” للجماعات اليهودية والمستوطنين عند اقتحاماهم للأقصى وعند خروجهم منه، أو ما يمكن تسميته ” الاقتحام الناعم”، ثم ليبني على هذه المرحلة اقتحامات أوسع أو حتى تأمين صلوات يهودية ولو قصيرة في رحاب الأقصى.
6- اعتماد القبضة الحديدية الميدانية القصوى لكل من يساهم في دفاعه عن المسجد الأقصى.
7- تصعيد احتلالي مرتقب خلال الأيام القريبة على المستوى الميداني، حملة من الاعتقالات والابعادات، جملة من القرارات السياسية/ الأمنية ذات الصلة بالقدس والأقصى.
8- ممارسات الاحتلال ومستوى الاعتداءات على المسجد الأقصى، كما علمتنا التجارب والأحداث والأجواء السابقة في أشهر وسنين فائتة، وبالرغم من كل إجراءات الاحتلال، ستؤدي الى تكثيف حملات النفير والرباط وشد الرحال الى الأقصى، والتواجد اليومي في المسجد الأقصى نفسه، أو عند بوابته ومداخل القدس، وستؤدي الى ردود أفعال غاضبة، قد تكون شبيهة بما كان عليه إثر حرق الفتى محمد أبو خضير من القدس، وعمليات الاقتحام الجماعية والعسكرية غير المسبوقة للأقصى، ولعل بوادر مثل ردود الأفعال ظهرت عقب إحراق عائلة الدوابشة في قرية دوما في الضفة الغربية، وأحداث حصار الأقصى الأخيرة.

لذلك نرى ان المطلوب لإحباط مخططات الاحتلال الإسرائيلي جملة من الفعاليات والنشاطات التي يمكن ان تسهم في التصدي للاحتلال من أهمها:
1- تكثيف التواصل الدائم مع المسجد الأقصى عن طريق حملات من شد الرحال والرباط المكثف والاعتكاف.
2- إطلاق صرخة تحذير مقدسية تحذّر من المخاطر الجسيمة على المسجد الأقصى والقدس، لتتحول الى موقف شعبي ورسمي في كل الدوائر إسلامياً وعربياً وفلسطينياً.
3- لا بد من دور أردني فاعل ومؤثر يتناسب مع حجم المخاطر التي تحيق بالمسجد الأقصى.
4- حملة إعلامية ممنهجة ومدروسة ومتواصلة ومعمّقة، تنقل الأخبار والأحداث والتقارير المعمّقة حول القدس والاقصى، لكن لا تكتفي بذلك، بل تصل الى صناعة رأي عام ينتصر للقدس والأقصى، وتسهم في إيجاد أجواء وتفعيل حراك إسلامي عربي فلسطيني، بل دولي يتصدى لمخططات وجرائم الاحتلال.
5- التحذير من حرب دينية شاملة، قد تكون نتيجة لكل جرائم واعتداءات الاحتلال بحق المقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس، وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك.

unnamed

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة