العشرون من يوليو

ايُ حقدٍ تراكم على اجسادنا ليبعث بنا الى الظلام الحالك الذي نحن فيه اليوم؟
كان ذالك عند الساعة الواحدة عندما قال الاطباء ان هنالك بضع ساعات تنتظر لترحب بجدتي السماء.
هرعنا اليك واحطناك كأي خمسٍ واربعين يومٍ اخرٍ قضيتيه في سريرك الابيض الذي ينام عليه جسدك الدافئ الشاحب الخالي من التعابير، لم يكن يسمعك غير الله، هو الوحيد الذي سمع انينك الخافت.
لم نشهد الاطمئنان منذ خطت رِجلُكِ المشفى، لكن أملنا كان لا يزال هناك لاننا كنا نعلم ان جبروتك لن يصده اي مرضٍ او مصيبة.
كنت كالمحاربة يا جدتي، المحاربة الشجاعة التي تقاتل رغم الخوف والالم!!
بالرغم من الضعف وقلة الحيلة، الا انك قاومتِ بكل ما فيك من قوة حتى حلًّ علينا ذالك اليوم السادس والاربعين، ذالك اليوم البشع الذي ذهب بروحك الى السماء حتى امسيتي زهرة مزروعة في التراب دون ان يظهر وجهها لكن روحها الطيبة خلّدته في صميمنا!
كيف لي ان انسى ذالك الخط المستقيم الذي توقف عن التحرك في الساعة السابعة؟
او ذالك الصراخ الذي شقَّ كبد السماء؟
كيف لي ان انسى إبعادنا عنك ليزيلوا تلك الاجهزة التي لطالما ازعجتك؟
يا إلٰه النفوس الضائعة، إستمع الي ففي داخلي مكنوناتٌ، خاشعة، راكعة
ايها القدر الساهر على بكائنا انصت لي.. جدتي بين يديك الان، جدتي التي اطعمت الجميع من حنيّتها وطيب معشرها وحُبها وعفوها ورضاها تلك المكتفئة بنجاح احفادها واولادها وسعادة ابنائها وبناتها، تلك العظيمة التي لم تسأم وهي تقول لنا “ربي يرضى عليكم” بأمثالها تبسم من على الارض يا الله..
جدتي،
كوني على بقين بانه ختم على ايدينا عملك المتقن فنحن سنكمل ما بدأتِ به
كوني على يقين ان عيوننا لن تفارق وجهك الجميل ابدًا ايتها الحسناء
كوني على يقين بان ذكراك ستبقى داخلنا مهما جفَّ ترابك واصلبَّ بيتك في مجنتك
كوني على علم بانك ليس هنالك جدة افضل منك ولا ام ولا اخت ولا جارة
اعلمي بان القريب والبعيد حزين على فراقك وبعدك
مهما طال الزمان فان روحك ستبقى هنا معنا،
مطبخك وفراشك وساحة بيتك ونحن وكل من يعرفك يشتاق اليك..
اعلمي بان حبك منثور بكل مكان بكل فراغ بكل بيت دخلتِ فيه بكل مكانٍ بنستِ به ببنت شفّة.
بالرغم من ان وحش الحزن قد غرس انيابه في اعماق اعماقنا لكننا راضون بكونك ملاكًا في السماء، بملاذك المريح الابدي
وان كنت تستمعين اليّ الان فاعلمي انني ساكتب لك في كل حين..
فقط كوني بخير، فلم يمُت من انجب اولادًا مثل اولادك او يملك سمعة وريح طيبٍ مثل سمعتك وريح طيبك.
نحن يا جدتي سنضع نسمةً من روحك في كل عملٍ نقوم به فلا تقلقي..
لن ننساك فذالك الازدحام والقشعريرة التي تنتابنا في الحديث عنك سيبقى على حاله، مهما مرت الساعات والايام والسنين
لا مفرَّ من بعدِك يا جدتي، فإسمك اقتحم فضاء الدنيا كالصدى الذي لا يزول.

الفاتحة على الروح الطاهرة ام سهيل
من حفيدتك ومُحبتُك احلام