إياك والنميمة

تاريخ النشر: 28/07/15 | 7:58

أسرعَ جابرٌ نحوَ صَديقهِ حَمدان ليُخبرَهُ بشيءٍ مُهمّ..
همسَ في أذنهِ: هلْ تدري ماذَا قالَ عنكَ صَديقُك طلال؟
نظرَ إليهِ حمدانٌ باسْتغرَابٍ، وقالَ له: وماذَا قالَ يَا جابِر؟
ابتسمَ جابرٌ ثُمّ قال:..
مِنَ المؤسِفِ أنّك تُحبُّهُ وتُحسنُ الظَنَّ بهِ.. لقدْ ذَكَركَ بِسُوءٍ.. وقالَ عنْكَ أشْياءَ لا أسْتطيعُ ذِكْرهَا لبَشَاعَتِهَا..
ظَهرَ الغَضبُ على حَمْدَان، وبَدأ صَدْرُهُ يغْلِي على صَدِيقهِ طلال..
قالَ لجَابِرٍ: ومَاذَا قالَ عنّي يَا جَابِر؟
هزَّ جابرٌ رأسهُ ثُمَّ قَالَ لِصَديقِهِ: قال بأنّك ولدٌ..
وقَبْلَ أنْ يُكمِلَ اسْتوقَفَهُ حَمْدَانٌ وهُوَ يَقُولُ: أعوذُ باللهِ مِنَ الشّيْطانِ الرّجيمِ.. مَهْلاً يَا جَابِر.. مهلاً لا تُكْملْ.. أرجوك..
تعجَّبَ جابرٌ مِنْ مَوقِفِ حَمْدانٍ، ونَظَرَ إليْهِ نَظْرةَ المُندهِشِ.. وقالَ بتعَجُّبٍ: لمَاذَا يَا حَمْدَان.. لقدْ قالَ فيكَ كلاماً سيّئاً يجبُ أنْ تعْرِفَهُ حتّى لا يستهينَ بِكَ مرةً أُخرى…
وضعَ حمدانٌ يدَهُ عَلى كَتِفِ جَابِرٍ وقالَ لهُ: اسمعْ يَا جابِر.. قالَ تَعَالى فِي كِتَابِهِ العَزِيزِ: {وَلا تُطِعْ كلّ حلاّفٍ مهين. همَّازٍ مَشَّاءٍ بنميم}.. وحَديثُكَ هَذا مِنَ النَّمِيمَةِ التي حرَّمَهَا الله عزَّ وجَلّ، لأنّكَ تنقُلُ كلاماً بينَ الأصْدِقَاءِ يسَبّبُ الفِتْنَةَ والتَناحُرَ والخِصَام، فهَلْ تُحبُّ أنْ أسْمَعَ كلامَكَ وأعُدّكَ نَمَّاماً، وَلا أُصَدِّقُ قَوْلَكَ أبَداً، أمْ تَتْركُ النّمِيمَةَ وتَسْتغفرُ الله وتتوبُ إليْهِ؟!!
كانَ هذَا الردُّ مِنْ حَمْدان مُفاجأةً لجابِر، لذَلِكَ فكَّرَ كثيراً قبلَ أنْ يتكلّمَ، وشعرَ بسوءِ عمَلِهِ، وأنَّهُ كادَ بعَملِهِ هَذَا أنْ يُفْسِدَ العَلاقَةَ بينَ صديقَيْهِ الحَميمَيْن، فطَأطَأَ برأسَهُ وصَار يَبْكي ويقول: لَمْ أنتَبِه لسوءِ عَمَلي، وكنتُ أظنُّ بأنّها نصِيحةٌ، والآنَ عرفْتُ بأنّني كنْتُ مُخطئاً.. أستغفرُ اللهَ وأتوبُ إليْهِ.. لنْ أعودَ لمثلِ هذَا أبَداً إنْ شاءَ اللهُ..
ابْتسَمَ حمْدان، وتقدّمَ مِنْ صَديقِهِ وهُوَ يقول: لا بَأسَ يا جابِر.. فالإنسَانُ يتعلّم مِنْ خطئِهِ، والمؤمِنُ لا يُصرُّ على الخطأ، وخيرُ الخطَّائينَ التوّابُون..

عن حُذيفةَ رضي الله عنهُ قال: قَال رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلم: “لا يَدْخُلُ الجنّةَ نمَّامٌ” وفي رِوَايَةٍ (قتّاتٌ) والقتاتُ والنمّامُ بمعنىً واحِدٍ (رواهُ البُخاري ومُسلم).

1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة