الحطاب الصغير

تاريخ النشر: 26/06/15 | 15:38

اعتادَ الحطَّابُ الذَّهابَ كُلَّ صباحٍ للغابةِ القريبةِ من كُوخِه، يأخذُ فأسَه ومنشارَه الصَّغِيرَ وحبلاً طويلاً، ويمضي في طلب الرِّزق.
ما أن يصلَ الحطَّابُ للغابةِ حتَّى يتأمَّل الأشجارَ بعضَ الوقتِ ويرَى الأغصانَ الجافَّةَ التي يجبُ إزالتُها والأغصانَ التي تحجبُ ضوءَ الشَّمْسِ وعلى الفور يبدأ عملَه.
الحطَّابُ الطَّيِّبُ يحملُ ما جمعَه من الحطبِ ويُوَدِّعُ الغابةَ مُتَّجِهاً للسُّوقِ ليبيعَ ما جمعَه من حطبٍ ويشتريَ حاجةَ دارِه من الطَّعامِ ويعودَ لأهلِه فرحاً مسرورًا.
مرَّت الأيَّامُ والسِّنُونَ ووَهَنَتْ قوَّةُ الحطَّاب فقد صارَ شيخاً كبيرًا لا يقوَى على العمل، لذا قَّرر أنْ يأخذ ولدَه ويعلِّمَه المهنةَ؛ ليحلَّ محلَّه.
وبالفعل تعلَّم الولدُ المهنةَ سريعاً وحلَّ محلَّ والدِه، كانتْ مفاجأةً سارَّةً أنْ يدخلَ الولدُ كلَّ مساءٍ بالطَّعامِ الكثيرِ والمالِ الوفيِر، شَعَرَ الحطَّابُ بالدَّهشةِ فقد ظلَّ يعمل حطاباً طيلةَ عمرِه ولم يأتِ بكلِّ هذا المالِ.
وهنا قرَّر الحطابُ أنْ يذهبَ مع ولدِه ليرَى بعينيْه ما يجري، وما أنْ حطَّت قدماه أرضَ الغابةِ حتَّى ارتجفَ وبدتْ علاماتُ الحسرةِ على وجهِه.
لقد وجد العديدَ من الأشجار اقتُلِعَتْ من جذورِها والبعضَ الآخر تمَّ نشرُه بالمنشار وتقطيعُه لأجزاءٍ صغيرةٍ استعداداً للبيع.
حَزِنَ الحطابُ حزناً شديداً وسأل ولدَه قائلا: مَنْ فعَل هذا بأشجارِ غابتِنا.
أجابه الولد: أنا يا أبي.. بدلاً من بيع الأغصان القليلة أبيعُ الشَّجرةَ كاملةً وبثمنٍ جيِّدٍ.
استند الحطابُ على جذعِ شجرةٍ ونظر لولده نظرةَ عتابٍ، أخبرهُ أنَّ الأشجارَ تُعطي ولا تأخذ، تعطينا الثمر الذي نأكله والفاكهة اللذيذة والحطب الذي نبيعه.. تعطي بلا مقابل.. فهل نحرمُها الحياةَ؟
الأشجارُ مصدرٌ دائمٌ للرِّزق فهل نقضي عليه؟
شعر الحطابُ الصَّغيرُ بالخجلِ أمام حكمةِ والده ووعدَهُ أن يهتمَّ بالأشجارِ ولا يقطعَها مرَّةً أخرَى.

4

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة