هل صحيح ما يقوله كاتب عربي: إن الفوضي المرورية والاستهتار بأنظمة السير هي انعكاسات لحالتنا النفسية؟!

تاريخ النشر: 09/02/13 | 0:25

من المسلّم به أن احترام الناس لقوانين السير الالتزام ومن ثم التقيّد بها لدليل ساطع على حضارة ورقي هؤلاء الناس وحبّهم لبلدهم ومن ثم الحرص على جودة الحياة، فالتحضّر والرقّي يسيران جنباً إلى جنب مع احترام أنظمة السير، سير المركبات وسير البشر على حدٍ سواء.

والناظر والمشاهد إلى الفوضى المرورية داخل مدننا وقرانا وفي شوارعنا بالذات فأنه يرثى لأوضاعها المأساوية فهي ليست فوضى مرورية، بل إنها كارثة مرورية، إنها آفة تعاني منها غالبية مدننا وقرانا العربية في إسرائيل وهي آخذة بالاستفحال يوماً بعد يوم، ومع ازدياد المركبات وعلى اختلاف أنواعها (ذوات العجلات المختلفة) وتضاعف أعداد السائقين والسائقات، أصبحت مخالفة أنظمة السير وقوانينه رياضة محببّة ليس عند صغار السن فحسب بل تعدّتها إلى الكبار، وحتى المسنين منهم، فإيقاف المركبات بشكل مزدوج، وعلى الأرصفة (وخاصة الضخمة منها) وعلى جانبي الشارع الضيق أحياناً وعدم مراعاة واحترام الحجارة المطليّة باللون الأحمر وعلى حوّاف الأرصفة. وأثناء السياقة وسير المركبات فأن التجاوزات أشدّ خطورة وخطراً، فهناك من لا يحترم الخط الأبيض المتواصل، وهناك من لا يعطيك حق المرور وأنت داخل الدّوار، والتوقف المفاجئ وسط الشارع للتحدث مع شخصٍ آخر داخل سيارته أو متواجد على الرصيف أو لتناول غرض ما كقاقورة مشروب أو علبة سجائر، هذه المظاهر أصبحت مألوفة وحتى طبيعية تحدث بين الفينّة والأخرى والويل الويل لك إذا اعترضت أحدهم أو لفتَ نظره إلى المخالفة التي يمارسها، تكون محظوظاً إذا كان رد الفعل من نوع ماذا يعنيك!! اهتّم بنفسك. أو "الله معك، مرّ (أمرق) طريقك" مصحوبة بنظرة ازدراء وعدم اكتراث، أما إذا لم تكن محظوظاً فمن الجائز أن تتعّرض لمسبّات وشتائم وبُصاق أو إلى اعتداء جسدي، هذه هي الصورة القاتمة التي نعيشها اليوم. ويزيد الطين بلّة أن غالبية سلطاتنا البلدية والمحلية لم تسّن بعد أنظمة وقوانين سير مساعدة ومحليّة، وما يترتب على ذلك من تعيين مراقبي سير مهماتهم الردع والمخالفة، مما يقود إلى التغريم أو التقديم للمحاكمة، وأمام هذه الصورة الغير حضارية، أمام هذه الفوضى بل قل الفلتنة التي نعاني منها جميعنا، قرأت تعليقاً لأحد الكُتاب العرب من أبناء جلدتنا، تلخيصه لهذه الحالة المأساوية وبإيجاز: «هذه الفوضى هي انعكاسات لحالاتنا النفسية» واكتفى بهذا القول دون الولوج في التفاصيل.

وأنا من خلال عملي وتجربتي في موضوع حوادث الطرق وإدارتي في السابق للمجلس الوطني لمنع الحوادث في باقة الغربية وعلى مدار عدة سنوات، فأني أخالفه الرأي وأرفض مثل هذا التقييم، وأعتقد بل وأجزم أن الثقافة والتوعية المرورية وغرس، بل وتعميق ثقافة الحذر والسلامة بدءاً من السّواق والسائقات ومن ثم أطفال ما قبل الروضة الإلزامية مروراً بطلاب الابتدائية والإعدادية ونهاية بطلاب الثانوية، كلها أمور كفيلة للحّد من الحوادث الأليمة والتصّرفات الشاذة والخروقات المرورية وإذا ما اجتمعا التثقيف والتوعية مع تحسين الجانب التقني: الشوارع والأرصفة، الإضاءة، معابر المرور، إشارات المرور، والإشارات الضوئية، فأن النتيجة ستكون أفضل بكثير مما هي عليه الآن، وما على السلطات إلا أخذ الأمور بأيديها بتعيين مراقبي سير كما أسلفنا واستثمار العنصر البشري، أي الإنسان قبل كل شيْ فهو الضمان الأول والأكيد للسلامة والأمان بإذن الله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة