صدور كتاب “برق بين الغمام” للكاتب د. حسن أبو الرب

تاريخ النشر: 20/05/15 | 11:00

إليكم المقدمة التي كتبها ب. فاروق مواسي لكتاب (برق بين الغمام) للمحاضر في الأدب العربي د. حسن أبو الرب- نابلس.

***************
هذه إضمامة من المقالات والخواطر والدراسات الأولية من التي كان مؤلفها قد نشرها في الصحف المحلية، وفي المواقع الإلكترونية، وهي في مجموعها تمثّل خبرة استوعبها الكاتب واستوعاها، فعبر عنها بأداء صادق، وآنًا بعاطفة تمتح من خيال مسوق بإثارة.
“برقٌ بين الغمام”-عنوان، أجدُ فيه مزيجًا من النظرات التأملية والنقد الاجتماعي والسياسي والثقافي، ويحضرني هنا ذلك البرق الذي شامه امرؤ القيس في معلقته وقد أرانا وميضه، فسحّ بعد الحبيّ المكلل مطر مغدق، وغيث بركة.
أقول ذلك ما دام الغمام يدلّ على بادرة الخير وطلعة التغيير ونشوء الحركة، فالبرق هو الإشارة الوضاءة، حيث يتواصل الرمز هنا مع مناخ الكاتب أو حالته من الوعي؛ فالبرق في السماء صورة دالة على حدوث شيء يُرتَقب، لكن ما بعد البرق هو الذي يحدد نوع هذه الصورة، ومنحى هذه الحركة، ومن هنا يظل الكتاب بمقالاته مدعاة للبحث محاور تتبأر في معاني الخير والحق والجمال، وبصورة جادة مستجدة.
ليست المقالة فنًّا سهلاً- كما نعلم، فهي على تعدد أنماطها تحتاج كثيرًا من الإحساس بالشيء أو الوعي به أولاً، وأنت حين تعايش حدثًا ما، تعايشه بقلبك وعقلك وثقافتك ودرسك، لكن ذلك لا يعدّ السبيل الوحيد للكتابة؛ لأنك بحاجة أن تترجم كلّ هذه الصور والأحاسيس بلغتك أنت، وتستعين بأدواتك، وتنهل من معجمك الخاص لترسم كل ما تشعر به، وتحوله من لغة الشعور إلى الحروف والتراكيب.
يتجاوز العمر الزمني لهذه المقالات العقدين -كما يبدو لي- وهي تغطي أحداثًا متعددة في تلك السنين، كعودة المقاتلين الفلسطينيين بعد توقيع اتفاقية أوسلو، والحرب على العراق، وما تعرضت له المدينة المقدسة من سياسة تهويد وتدنيس للمسجد الأقصى، وتصف معاناة الفلسطينيين بعد الانتفاضة الثانية عام 2000م، كما ورد في مقالته “طريق الآلام”، ثم إنها تصف سياسة الظلم التي تمارسها أمريكا بحق الشعوب العربية في انحيازها المطلق لإسرائيل، وهي أيضًا تقدم نظرات واقعية لأوضاع التعليم في فلسطين في ظلّ وجود السلطة الوطنية، وتشير إلى رحيل بعض الدعاة كالشيخ كشك، وبعض المفكرين النقاد كعز الدين إسماعيل ، وغير ذلك من مقالات اجتماعية تشخص جراح الأمة في هذا الزمن العربي الصعب .
إنها رحلة عبر أحداث عايشها الفلسطيني بجُماع ألمه وأمله، وواكبها القارئ العربي بمعاينة وتساؤل، إنها إعادة للتفاعل مع الحدث، وإفادة في مراجعة الموقف، فكيف لمن يعايش همًا أو يتابع مسألة أن يخفف من غلواء أو لأواء إلا بالتعبير، وصولاً بعد التأثر إلى التأثير؟
ربما تمّر الأشياءُ من حولنا في أحايين كثيرة، مرورًا عابرًا، فلا نلقي لها بالاً، وكأنّها أصوات غريبة نشازٌ قد أفرِغَتْ من الصدى، غير أن الشاعر أو الكاتب لا يستطيع أن يمر من غير وقفة، فالفكرة تجول في الصدر، وفي الخاطر، فلا بد إذن من خاطرة، ولا بد إذن من قول!
أحيي كاتبنا د. حسن أبو الرب على كتابه الأول – باكورة نتاجه الثقافي والنقدي، وأرجو له المضي قدمًا في عطائه ووفائه للغتنا ومجتمعنا، وأشكره على هذه الثقة الغالية التي دعتني لأن أكتب له هذا التقديم دلالة تواصل، وأصالة موقف.

أ. د فاروق مواسي
باقة الغربية- أكاديمية القاسمي

0

‫2 تعليقات

  1. شكري الجزيل، للأستاذ الدكتور الأديب فاروق مواسي، على تقديمه للكتاب..وعلى مشاركته هذه، التي إن دلّت على أمر، فإنما تدلّ على طيب أصله، وتقديره للأدب وأهله، فهو كالطائر الذي لا يترك مكاناً إلاّ وصدح فيه علماً وأدباً… ومحبة ووفاءً.. ودعائي له أن يمدّ الله في عمره بالخير والبركات..وألا يحرمنا من هذه الإطلالات البهية…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة