مانع سعيد العتيبة -1946

تاريخ النشر: 19/04/15 | 11:50

شاعرٌ، اقتصاديٌ، أمْ معاليِ وزير؟هو كل ذلك بكلِّيَّتِهِ، حيث أجادَ وأبدعَ وانمازَ في كل مجال. هو نبضُ الإماراتِ العربيةِ المتحدةِ ومؤرخُها شعراً، وشاهدُ عيانٍ على نضالِ امةٍ طالما شدَّت رحالها إلى مضارب ” ليوا “، وواحات العين لإثبات كينونتها في وجه ظروفٍ حياتيةٍ كانت يومها تتطلب المزيد من التحدي، ونجحت أخيراً بجدارةٍ واقتدار.
يعود نسبهُ الى عائلة ” العتيبات ” العريقة، الضاربة جذورُها في أعماق التاريخ، وذاتِ الشهرةِ والباعِ الطويل في تجارةِ اللؤلؤ الطبيعي الذي بقيت تتربع على قمتهِ الى أن قدَّر المولى عز وجل أن تدْخل ” اليابان ” مضمارَه وتبدأ في زراعته وإنتاجه صناعياً، مما أثر على تجارته-سلبا- لدى الأسر الساحلية.
يمَّمَّتْ الاسرةُ نحو دولة قطر، وهناك وجدَ ” مانع سعيد العتيبة ” ضالته: فقد عبَّ من معين العلم وتذوق حلاوة الكدِّ والسهر، ويبدو أنه- وبفطرته البدوية- أدرك انْ لا مندوحةَ عن العلم مهما قست الظروف، فغذاءُ العقل أكثر أهميةً من غذاء الجسد. امتطى صهوةَ النسائم بعد نيله الثانوية العامة، وحطَّ في إحدى الكليات البريطانية العريقة لتكون القدحة الاولى في التعامل مع الآخر.
عاد مظفراً، ثم التحقَ بجامعة بغداد ليتخرجَ حاملاً درجة البكالوريوس في الاقتصاد، ما لبث أن أتبعها بشهادة الماجستير في الاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة القاهرة برسالة موضوعها” منظمة اوبك “، ثم الدكتوراة من الجامعة نفسها- حيث كانت موئلا للنخبة من أبناء الوطن العربي آنذاك- بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف برسالة تحت عنوان” البترول واقتصاديات الامارات العربية المتحدة “. أبدع في الاقتصاد أيّما إبداع؛ فدولةٌ فتيَّةٌ كالإمارات كانت مضماره الاول ليفرغ في جوفها كل ما تعلمه من نظريات وتطبيق اقتصادي. فقد نذرَ نفسه لرعايتها اقتصادياً وسياسياً و وجدانيا
ً.
ألَّفَ العديد من الكتب في الاقتصاد. فعلى سبيل السرد لا الحصر: اقتصاديات أبوظبي قديما وحديثا، مجلس التخطيط في إمارة الفجيرة، اوبك والصناعة البترولية، وغيرها من الكتب المهمة.
شغل العديدَ من المناصبِ الحساسةِ في دولة الإمارات العربية المتحدة: ففي العام 1971 عُين وزيراً للبترول والصناعة في إمارة أبوظبي، وفي 1972 أصبح أول وزير للبترول والثروة المعدنية في الإمارات، وفي 1990 أصبح المستشار الشخصي لصاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه. ومن الجدير بالذكر، أن ” العتيبة ” قد تعلَّم الكثيرَ الكثيرَ من خبرات الشيخ زايد، وكان يحرص أشد الحرص على حضور مجلسه وبانتظام.
ومن المناصب الاخرى المهمة التي شغلها ” العتيبة”: رئيس مجلس إدارة شركة بترول أبوظبي المحدودة، و شركة بترول أبوظبي الوطنية، والكثير غيرها. كما كان عضواً في المجالس التالية: المجلس الأعلى للبترول، مجلس إمارة أبوظبي للإستثمار، صندوق أبوظبي للتنمية العربية. كما منح العديد من شهادات الدكتوراة الفخرية تقديراً لما بذل من جهود في خدمة البشرية في مجال الإقتصاد المحلي والدولي. فقد منحتهُ جامعة كيو اليابانية، وجامعة مانيلا في الفلبين، وجامعة ساوث بيلار الامريكية، وجامعة ساوباولو في البرازيل شهادات الدكتوراة الفخرية تثمينا و تقديراً لمسيرة العطاء
التي انتهجها.
في عام 1996 اختاره ملك المغرب الحسن الثاني ليكون عضواً في الأكاديمية الملكية. ولربما هذا التكريم قد أوقد جذوة الغوص في بحور العربية عنده ، حيث في العام 2000 ميلادية ، ومن جامعة محمد بن عبدالله في فاس، فقد نال درجة مميزة في الأدب العربي بعنوان” خطاب العروبة في الشعر العربي”. وهنا يحار المرء حين يمر بسيرة أمثال الدكتور العتيبة، بل يقف مشدوها ولا يدري هل خُلقَ الشعرُ له، أم خُلقَ هو للشعر. فهو يكتب الشعر في المكتب، وفي السيارة، وفي البرِّ- الفلاة – الذي يفتح آفاق الإبداع والتميز نظراً لهدوئهِ وسكونهِ. يتماهى مع الشعر بكل أضربه: كتب في الوطنية، الغزل،
البترول، وغيرها. يعتبر بمثابة الأب الروحي للقصيدة الإماراتية، ولا يتوانى البتة في مد يد العون لمن طلب المساعدة. هبط بجناحي صقر على المنابر الدولية والجامعات ملقياً محاضرات اقتصادية وثقافية، ومحيياً امسيات شعرية من أروع القصائد.
ترجمت قصائد الدكتور ” العتيبة ” الى لغات عدة منها الإنجليزية، الألمانية، الفرنسية، اليابانية وغيرها. وهنا لا نجد مفراً من ذكر ما عبّر عنه د. عدنان جواد طعمة حيث قال:
” بعد أن أتممت ترجمة قصائد سمو الأمير خالد الفيصل إلى الألمانية وصدر كتابه باللغتين العربية والألمانية عام 1997، رجوت السيد مدير مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث في دبي التفضل بإرسال المتوفر من دواوين سمو الشيخ د. مانع سعيد العتيبة. وعلى الفور تفضل المدير مشكورا بإرسال ( 16 ) ديوانا للشاعر المبدع الموهوب الدكتور مانع سعيد العتيبة بالفصحى والنبطي”.
أثرى د. ” العتيبة ” المكتبة العربية والساحة الأدبية ب ( 33 ) ديوانا من نفائس الأشعار. من هذه الدواوين: ليل طويل، اغنيات من بلادي، ليل العاشقين، كما توجد مجموعة قصائد تتعلق بالذهب الأسود أودعها ديواناً أسماه ” قصائد بترولية”.
يعتبر د. مانع سعيد العتيبة من أبرز شعراء الإمارات العربية المتحدة بلا منازع. متعه الله بالصحة والعافية، وأمد في عمره للخير و بالخير.

يونس عودة/ الاردن

yones3wdh

تعليق واحد

  1. سعادة الدكتور مانع العتيبه وكثير من ابناء الامارات ارتحلوا الى قطر الغالية في الخمسينات وتعلموا في مدارسها وابتعثتهم الى خارجها للدراسة الجامعية وفي بداية السبعينات أرسل الشيخ زايد اليهم ليعودوا الى الامارات . كان هناك حي كبير يصل الى مائة أسرة اماراتية بجانب حينا. لعلهم يذكرون قطر بالخير
    في بداية السبعينات بعث حالكم قطر الاسبق الشيخ احمد بن علي بعثات عبارة عن مدرسين مدفوعي الأجر للامارات.
    لاأحد من ابناء الامارات يذكر ذلك .بل الجميع ينكره

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة