حكم الاجبار على الزواج

تاريخ النشر: 26/02/15 | 21:52

الولاية حق منحته الشريعة لبعض الأفراد على غيرهم لمعانٍ مرادها تحصيل المصالح ودرء المفاسد، ويكتسب هؤلاء الأفراد بها صفة تنفيذ قولهم على غيرهم ، رضي هذا الغير أو لم يرض ، ولقد جعل الشرع الشريف العجز وعدم الأهلية سببين للولاية على الغير ، ويكفي وجود أحدهما لقيام داعيها.ولقد ذكر الفقهاء أنواعًا للولاية ، منها الولاية على النفس ، والتي منها ولاية الإجبار ، وهذه الولاية ينطبق عليها التعريف السابق للولاية تمامًا ؛ حيث ينفذ رأي المتصف بها ( الولي ) على المولى عليه سواء رضي الأخير أو لم يرض. قال في [الدر المختار ]: ” والولاية تنفيذ القول على الغير “.
ولقد رأى السادة الحنفية أن ولاية الإجبار لا تكون إلا على الصغيرة ، فِعلّة هذه الولاية الصَّغَر ؛ ولذا لا تكون على الكبيرة البالغة بأي حال، بل الولاية على الكبيرة البالغة عندهم ولاية ندب واستحباب ، ويجعلون ولاية الإجبار هذه للولي العصبة بترتيب الإرث. قال في [تبيين الحقائق ]: ” وهي – أي الولاية – في النكاح نوعان: ولاية ندب واستحباب ، وهو الولاية على البالغة العاقلة بكرًا كانت أو ثيبًا ، وولاية إجبار وهو الولاية على الصغيرة بكرًا كانت أو ثيبًا”.
وقال في [كنز الحقائق ]: ” وللولي إنكاح الصغير والصغيرة ، والولي العصبة بترتيب الإرث”.
أما السادة المالكية والشافعية فقد رأوا أن ولاية الإجبار هذه تثبت على البكر صغيرة كانت أو كبيرة ، ورأى السادة المالكية أنها تختص بالأب فقط ، وجعلها السادة الشافعية حقًّا للأب والجد. قال الباجي في [المنتقى ]: ” ولا يملك إجبارها – أي البكر – جدٌّ ولا غيره من الأولياء إلاَّ الأب وحده ، قاله مالك”.
وقال السيوطي في [الأشباه والنظائر ]: ” واختص الأب والجد لأب بأحكام منها ولاية الإجبار في النكاح للبنت والابن “.
وقال الخطيب في [مغني المحتاج ]: ” وللأب تزويج البكر صغيرة أو كبيرة بغير ، إذنها ويستحب استئذانها ، وليس له تزويج ثيب إلا بإذنها ، فإن كانت صغيرة لم تزوج حتى تبلغ ، والجد كالأب عند عدمه “.
والرأي المختار للفتوى هو رأي السادة الحنفية ، وبه قضت محكمة النقض في طعن رقم ٥٦ لسنة ٦٠ق أحوال شخصية جلسة ١٥ / ٢ / ١٩٩٤م بأن تزويج الولي للمرأة
البالغة العاقلة شرط نفاذه الإذن – أي إذنها – والرضا وبلوغ السن
وقد ذهب الإمام الشافعي إلى عدم إجازة تزويج الرجل ابنته من م.جنون ؛ قال في [الأم ]: ” ولو زوجها كفؤًا أجذم أو أبرص أو مجنونًا أو خصيًّا مجبوبًا أو غير مجبوب لم يجز عليها ؛ لأنها لو كانت بالغًا كان لها الخيار إذا علمت هي بداء من هذه الأدواء “.
ومما سبق وفي واقعة السؤال ، وإذا كان الحال كما ذُكِر:فإنه لا يجوز تزويج الفتاة البالغة ثمانية عشر عامًا بغير رضاها سواء كان هذا الزواج من كفؤ أو من غيره ، ويضاف إلى المانع من صحة هذا الزواج أن يكون هذا الزواج من شخص في حكم المجنون كالمعتوه الذي عتهه متصل ؛ لأن الزواج من مثل هذا الشخص غير جائز إلاَّ برضا الفتاة البالغة.
والله سبحانه وتعالى أعلم

04

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة