زهرة الحب في حياتنا!!

تاريخ النشر: 02/03/11 | 3:27

وائل بن إبراهيم بركات

حول الحب والزواج

حث الإسلام على الزواج، ورغب أبناءه القادرين عليه المالكين لأسبابه في المبادرة إليه، فالإسلام بمنهجه الواقعي لا يصادم الغرائز ولا يحاربها، بل يعترف بها ويعمل على إشباعها وتوجيهها الطريق السوي، لا على كبتها واستئصالها.

والزواج هو الإشباع المشروع والتلبية الطاهرة المهذبة لغريزة النوع؛ وبذلك يسمو الإنسان بهذه العلاقة عن النزعة الحيوانية. ففي الزواج سكن ومودة وراحة حقيقية، وتهذيب للنفس وكبح جماحها، واستجابة لنداء الفطرة وبقاء للنوع الإنساني.

إن الزواج ليس لعبة أو تسلية، وإنما عقد الحياة متصفا بالديمومة؛ لذا فان اختيار الزوج ليس اختيارا لسلعة بل اختيارا لشركة العمر وامتزاج الروح، وقسمة المشاعر، والاختيار الحسن يضمن هذه الديمومة فلا ينفرط العقد فإذا البيت في قرار والحياة الزوجية في استقرار.

والزواج الارتجالي ـ عن عاطفة وهوى ـ غير المرتكز على دراسة ووعي وفهم لدور الأسرة وأهميتها في الحياة من الأسباب الرئيسة لفضح الأحلام الوردية وحدوث التخبط والمشاكل وتعثر عجلة الحياة بينهما.

وكذلك عندما ينطلق الرجل والمرأة في الإقدام على الزواج من زاوية الطمع والوظيفة والكسب المادي، أو زاوية الإشباع الجنسي دون النظر للاعتبارات المعنوية والحسية الأخلاقية منها والإنسانية: هو زواج مكتوب في جبينه الفشل أو وجود علامة شرخ وجراح غائرة نازفة في كلا الطرفين، فلن يخلو هذا الزواج من برق المشاكل وقصف الرعود!.

ويجب ألا يغيب عن أذهاننا أن أعداء الإسلام قد وجهوا غارتهم على المرأة المسلمة؛ لاستئصال ما في نفسها من معاني الدين والخلق والخير، فإذا تزوجت ربت أولادها بتلك النفسية الخاوية على عروشها ! ليضيع حاضر الأمة ومستقبلها!

وهنا عتب كبير بل وأسف شديد لنظرة البعض تجاه المرأة والاستهانة بها! وأنها مجرد امرأة ليس لها قيمة أو رأي وأنها للطبخ والنفخ فقط . فصلاح الأمة من صلاح الأسرة، وصلاح الأسرة من صلاح الفرد. والمرأة هي أحد شقي الحياة الإنسانية وبما أنها تلد الشق الآخر فهي الحياة كلها، وهذه الحياة إما أن تكون فرحة أو قرحة، وإما أن يتنفس فيها فجر السعادة أو يظلم فيها ليل الشقاوة. وإما أن تتحول إلى جنة وعبير، أو آن تتحول إلى نار وسعير. وإما أن تبذر وتلد الحضارة السامية التي تهوى أفئدة البشرية إليها أو أن تزرع وتحصد الخسف والانحلال وكل ذلك وفق إستراتيجية اختيار المرأة كزوجة، التي تربت في بيت أهلها التربية السليمة الصحية للروح والجسد والعقل.

لم يطرق الحب قلبي:

ما زال الإعلام بشتى وسائله يجاهد في حشو أذهاننا وعقولنا ليلا ونهارا أن الزواج الناجح هو زواج الحب والغرام والعشق! وأن الزواج لا يكون إلا لمن خفق القلب له وهام به!

والحب كلمة حق أريد بها باطل، وهي من الكلمات التي دخلت معركة المصطلحات الحديثة من باب تسمية الأشياء بغير اسمها.

فالحب عاطفة نبيلة أودعها الله الإنسان، عاطفة تبني ولا تهدم، تعطي ولا تمنع، عندما تتوجه في النواحي الإيجابية. عندما تلتقي مع فطرة الإنسان وفكرة الإسلام عن الإنسان. والحب بريء مما ينسب إليه من دنس وفجور وما يلصق به من تهم الشهوة الجنسية، والجرائم البهيمية!.

إن الحب لدى المسلم والمسلمة حب جاد، وإعجاب جاد وميل جاد ومشاعر جادة، والتزام جاد بالحقوق والواجبات تجاه الآخر.

ويحكي القرآن عن ابنة شعيب عليه السلام ـ ابنة نبي ـ إعجابها بموسى عليه السلام وتعبيرها لأبيها عن هذا الإعجاب في بساطة جادة لا تصنع فيها ولا تخلع ولا طراوة، ولا تكسر ولا التواء “يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين” فيزوجها إياه . والذي يرويه القرآن هو النموذج الذي يجب للناس أن يعيشوا فيه، فهو لم يستنكر قولتها ولم يشأ أن يعبر إعجابها بغير لفظه الصريح، ولم يجعله سرا تكتمه الفتاة في قلبها ولا تبوح لأهلها به” .

وحيث إن الأسرة في المجتمع الإسلامي أسرة متفاهمة واعية مترابطة، تلتقي على الصراحة والاحترام والود تستطيع الفتاة والفتى أن يذكر كل منهما عواطفه وحبه الجاد النظيف الذي لم يدنسه شيء؛ فيكون الفتى والفتاة في موضع التقدير أو التفاهم أو النصيحة.

أما ما ينشر في الإعلام وما يقال على لسان المراهقين والمراهقات، وما يصيغه بصيغة سؤال أو تقارير طلاب وطالبات الجامعات؛ فهو احتقار للدوافع الفطرية لدى الإنسان، وتزعزع الثقة بالجنس الآخر، وفساد وإفساد وعداوة وبغضاء لأن السراب لا يطفئ غليل العطشان، ولا الوهم الذي زينه الشيطان يبني بيتا له أركان، ولن يقبل الشاب من أرخصت نفسها زوجة له. ولن تجد الفتاة عفيفا متعففا زوجا لها.

فارق العمر بين العروسين:

ينصح خبراء علم النفس آن يكون هناك فارق زمني بين عمر العريس وعمر العروس، وثبت بتجربة كثير من الدارسين أن عقل المرأة أسرع إلى النمو المبكر منه في الرجل كجسدها سواء بسواء، كما أن جسد المرأة أسرع إلى ذبول الجمال والنضارة منها في الرجل.

ولكن البلوغ الجنسي للمرأة وحده ليس كافيا لأن تؤدي الفتاة دور الأنثى الزوجة.. الأنثى الأم .. وكذلك الأمر بالنسبة للرجل فلا يكفي البلوغ والنضج الجنسي كي يكون مسوغا لطلب الزواج، وإنما لابد أن يرافق هذا البلوغ الجسدي بلوغ فكري، وأن يواكب النضج الجنسي النضج العقلي.. حاملا في طياته التصور والإدراك الصحيح للحياة لمجابهة ضروبها وألوانها ومعاينة أفراحها وأتراحها !!

أحبك:

إنها كلمة تولد من بين الشفتين في أقل من ثانيتين، وشرحها لا يستوعبه مجلدان وأثرها يبقى لأكثر من قرنين.

من الطبيعي أن تكون الحياة الزوجية مفعمة بالحب والود والسعادة، ولكن لماذا يتجاهل الزوج أو الزوجة هذه الكلمة: “أحبك”؟

فكم مرة قالها الزوج لزوجته؟ وكم مرة قالتها الزوجة لزوجها منذ أن تزوجا؟! أم أنها كلمة كانت لا تكف عن الذهاب والإياب بينهما أيام الخطوبة، ثم ذهبت أدراج الرياح!!

للأسف الشديد هذا سلوك كثير من الأزواج حيث الصمت التام، والتجاهل المريع للتعبير عن مشاعر الحب.. فتجد الزوج منذ سنوات عدة ولم يسمع من زوجته “أحبك” ولم تستروح الزوجة بكلمة “أحبك” فما أقساها من حياة، وما أعنفها من لحظات عندما تمر هذه السنوات دون أن يبوح الزوجان بما يكن كل منهما للأخر من حب وتقدير وامتنان.

وهذا التجاهل إما نتيجة الخوف أو الحرج أو الاستكبار، أو الاستسلام للعادات السيئة المنتشرة في بعض القبائل أو المجتمعات.

في حين أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخجل من أن يعلن حبه لعائشة، وأن يعلم النفوس كيف يروى القلب بالعاطفة، وذلك بالحث على إشاعة الحب والود، فقد أمر أحد الصحابة أن يعبر عن حبه ويبوح بمكنوناته لشخص يحبه في الله، فما بالك بالزوج والزوجة فهما أولى بأن يعلن كل منهما للأخر حبه، من عدة جهات: حب في الله، وحب الزوج، وحب الجار، وحب الصاحب، وحب الأب، وحب الأخ، فكم تكون الزوجة سعيدة عندما يكون زوجها لها بمثابة الزوج والأب والأخ والصديقة والجارة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة