مجلة “الجديد”

تاريخ النشر: 24/01/15 | 11:32

من المجلات الثقافية والفكرية، التي ساهمت في نهضة شعبنا وإرساء حركة أدبية فاعلة ونشطة وترسيخ الهوية الجماعية مجلة” الجديد” التي تعتبر من أعرق وأهم وأبرز المجلات والدوريات الصادرة في الداخل.
بدأت مجلة “الجديد” بالصدور كملحق أدبي لصحيفة “الاتحاد”في تشرين الأول عام 1951،ثم مستقلة في تشرين الثاني 1953، ومما جاء في استهلال العدد الأول:”بهذا العدد،وقد أردناه أنيقاً بقدر ما يسمح نظام التقنين في بلادنا أن يكون أنيقاً، نبدأ سلسلة من الملاحق الشهرية لصحيفتنا الأسبوعية “الاتحاد” تتناول في الأساس قضايا الأدب والفن والاجتماع مزينة ببعض البحوث السياسية بين وقت وآخر.
ويضيف القائمون على المجلة قولهم: “إننا نرجو، وسنعمل جهدنا من أجل تحقيق هذا الرجاء أن يكون “الجديد” محوراً تتجمع حوله أقلام جريئة شريفة، تدرك أن رسالة الأدب هي:”الارتباط بالنضال الثوري الذي تشنه الطبقة العاملة، والالتحام العضوي بين أماني الفرد الإبداعية ومصالح الناس العاديين”.
وقد حدد الكاتب والروائي الراحل اميل حبيبي نوعية الأدب الذي تدعو إليه “الجديد” بقوله: “ان الأدب الذي ندعو له هو أدب الشعب، أدب يخدم الشعب في نضاله نحو سمو مستقبله، أدب يثير الوعي الذاتي في نفوس الشعب، ويمنح الشعب فهم دوره وفهم العالم المحيط به،وفهم التناقض الأساسي القائم في المجتمع، بين غامسي اللقمة بعرق الجبين وسارقي هذه اللقمة، هذا التناقض الأساسي الذي من الضروري أن يكون مصدر الصراع في العمل الأدبي الذي ننشده وينفخ فيه الحياة.
أما المسار الذي يجب أن يتخذه المبدعون فيقول:”يجب أن يكون الأدب إنسانياً، تقدمياً، اشتراكياً في مضمونه، وقومياً في شكله.
وتناوب على رئاسة تحرير “الجديد”عدد من الكتاب والمثقفين والمبدعين الفلسطينيين المنضوين تحت عباءة الحزب الشيوعي، الذين كتبوا افتتاحياتها وعملوا على تطوير محتوياتها ومضامينها وأبوابها، وهم: “جبرا نقولا، اميل توما، صليبا خميس، توفيق زياد، محمود درويش، سميح القاسم، سالم جبران، ابراهيم مالك، محمد علي طه “، أما أبرز كتاب “الجديد” فكانوا من رواد الثقافة التقدمية الإنسانية التحررية التجديدية.
حملت مجلة “الجديد”فكراً أيديولوجياً ملتزماً ورسالة حزبية وسياسية واضحة، ورفعت راية التقدم والتحرر والوحدة، والنضال التقدمي الوحدوي ضد التخلف والرجعية والتبعية وفي سبيل العدالة والحرية والنهوض بالمجتمع العربي ليواكب العالم المتقدم والمتحول. وغلب على موضوعات المجلة الطابع السياسي، وكرس كتابها كل ما يملكون من طاقات لنشر الفكر والتراث الماركسي التقدمي والإنساني وترسيخ الاتجاه الواقعي الاجتماعي.كما وعملت المجلة على نشر النصوص والروائع الشعرية والنثرية والإبداعية،التي تدعو للتنور والتوجه اليساري وإبراز الشخصيات والأسماء الفكرية والأدبية ذات الانتماء الماركسي والشيوعي.
وقد أدت “الجديد” دوراً حضارياً مهماً في انتشار أدب الحياة وأدب الالتزام، الأدب الواقعي، وقدمت خدمت جلى للحركة الثقافية والأدبية الفلسطينية، كذلك شكلت حاضنة وحامية للأدب الهادف وأداة واعية في صياغة وبلورة الثقافة الوطنية التقدمية الديمقراطية الفلسطينية، والثقافة الشعبية العمالية وبعث حركة أدبية فلسطينية دينامية تتفاعل مع الأحداث السياسية والمتغيرات الاجتماعية.
وبهذا الصدد كتب الشاعر والكاتب الراحل سالم جبران قائلاً: “إن سر ميلاد الجديد ونموها ورسوخها هو أنها ارتبطت منذ البداية بالناس والأرض، فعكست ثقافياً وفنياً الطاقات الإبداعية لشعب متمسك بأرضه ووطنه،وعبر كل السنين الماضية كانت هذه المجلة الشهرية سياسياً وأدبياً، حاضنة لكل المواهب القصصية والشعرية والنقدية والفنية”.
وفي ثمانينات القرن الماضي بدأت الجديد تعاني أزمات مالية أدت بالتالي إلى توقفها سنة 1991، وكانت هناك محاولات لإعادة إصدارها، فأصدر أنطوان شلحت عددين في العام 1993، وأصدر مفلح طبعوني ثلاثة أعداد بين السنوات 1998 ـ 2001، لكن وكل هذه المحاولات باءت بالفشل. وهكذا توقفت الجديد واحتجبت عن الصدور بعد أن أدت دوراً تعبوياً ريادياً في دفع مسيرة الحركة الأدبية والثقافية،وتبوأت مركز الصدارة بلا منازع بين المجلات العربية التي صدرت هنا في البلاد.

بقلم:شاكر فريد حسن

shaker

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة