الإغتراب على ارض الوطن

تاريخ النشر: 16/12/14 | 7:53

إن من أصعب انواع الإغتراب هي الغربة على ارض الوطن، حيث تشعر أنك غريبا عن تراب وطنك، وليس لك عليه اي حقوق بالرغم من انك تبذل قصارى جهدك لتأدية واجباتك تجاه وطنك.
اعيش في قطاع غزة بلا هوية ولا استطيع الخروج منه بالرغم من تردي الأوضاع فيه، وبالرغم من عدم وجود ما يربطنا بهذا القطاع، فقط اصبح مجرد مقبرة لأهله واصبح كل من عليه غريب فيه، خصوصا من ليس له اي انتماء سياسي ويعمل من اجل وطن وعلم واحد فلم يعد هناك علما واحدا ولا وطنا واحد، واصبحنا اغرابا في بلدنا ونعاني الهجرة تلو الهجرة واللجوء داخل اللجوء، اصبحنا سلعة رخيصة يتاجر بها القادة ويتباكون عليها من اجل جني الأموال، واصبحنا مجرد عدادا لهذا الفصيل وذاك ولم يعد للإنسان وجود.
اعلم ان مقالي هذا سيحملني مسئئولية كبيرة، ولكن قلمي اعتاد الحقيقة واعتاد الحديث عن آلام الناس، واعتاد ايضا ان يوجه سخطه على الإنتهاكات الإسرائيلية لشعبنا على اراضينا ليعلم العالم ما يقترف العدو من جرائم بحق شعبنا، ولكن اليوم وفي تلك الفترة بدأت أشعر بالغربة، بدا لي هذا البلد غريبا تماما، وعلمت سر الذين هاجروا وغرقوا على السفن والذين لا يزالون ينتظرون خروجهم من القطاع والذين، يحاربون من اجل البقاء.
الغربة بات يشعر بها كل مواطن فلسطيني، اصبح يخرج ويبحث عن الهجرة باحثا عن استقرار ومستقبل لأطفاله، وانا اليوم سجين ذلك القطاع لا استطيع حتى مغادرته من اجل زيارة او حتى من اجل تغيير الجو ان صح التعبير لكي اعود اليه ناشطا لي حقوق وعلي واجبات لهذا البلد الذي لم يمنحني حتى هذه اللحظة هويته، ولم يقدر ما بذلته من جهد من أجل مستقبل أجياله.
انا اليوم وقد توقفت تماما عن العمل والعطاء فقد لاقيت وعانيت بما يكفي ولا اقوى على تحمل اي تهم أخرى، فقد عملت من جيبي الخاص والشخصي من اجل رسم البسمة على شفاه أطفال القطاع، ولكن اليوم لا اجد من يقدر عملي بالرغم من ارشيفي الكبير الذي يشهد لي الا انه فسر بكل المعاني السلبية ولم يقرأه احد بالشكل الصحيح، فلم ولن ابيع نفسي لأي جهة ايا كانت ومهما كان الثمن لأن هدفي انساني ولم يعد للإنسانية مكان في بلدي.
انا لا اكره الوطن، ولكني جزين الى ما وصل اليه الحال في وطني، جزين على الفرقه، والنزاع، حزين على من باتوا في الشوارع ومراكز اللجوء، حزين على ايتام هذا البلد وارامله ومن باتوا على مقاعد متحركة او باصابات تركت اثرا عمرهم كله، اليس لهولاء كرامة وقيمة لدى الوطن من اجل الحياة ؟؟!! اليس لهم الحق في ان يعيشوا بكرامة، بسلام، على الأقل في ظل مصالحة وطنية تحمي حقوق الجميع بعيدا عن التجاذبات السياسية التي يتعرض لها الوطن وتقتل المستقبل في عيون الآف من ابناءه.

أحمد حسني عطوة

a7md7osne

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة