الأمير الشاعر

تاريخ النشر: 24/11/14 | 23:53

أأكاد أشك في نفسي لأني// أكاد أشك فيك وأنت مني
يقول الناس إنك خنت عهدي// ولم تحفظ هواي ولم تصني
وأنت مناي أجمعها مشت بي//إليك خطى الشباب المطمئن
يكذب فيك كل الناس قلبي//وتسمع فيك كل الناس أذني

عذب الكلمة, رقيقها, غزير الانتاج, رقيق المشاعر ومرهف الحس. امتطى صهوة الشعر كما الامارة, فاتقن الصنعتين معا بجدارة قل نظيرها.   هو نجل الملك فيصل بن عبد العزيزال سعود طيب الله ثراه, وبكر الملك عبد العزيز من الأحفاد. عاش الخمسة أعوام الاولى من عمره في كنف جده, ولازمه في حله وترحاله, فتشرب منه طيب السجايا والحكمة جراء حضور مجالسه, ولقاءاته مع من يفد اليه من ضيوف ووفود, حتى خلع عليه جده لقب” ربع الدنيا “, وذلك لرجاحة عقله, ونباهته, وسرعة بديهته.
بعد حصوله على الشهادة الابتدائية في مكة المكرمة, وهي أعلى شهادة مدرسية انذاك, فقد انكب على اطفاء ظمئه من العلم . فنهل من كتب التاريخ, والادب, والسياسة الكثير الكثير. وكان ميالا وشغوفا بالشعر العربي, حيث ظهر هذا من مداومته قراءة الاشعار الجزلة والقوية. فعلى سبيل السرد لا الحصر, فقد أتى على اشعار طرفة بن العبد, النابغة الذبياني, امرئ القيس, عنترة العبسي, عمر بن ابي ربيعة, اضافة الى بعض الشعراء المعاصرين أمثال عمر ابي ريشة, أحمد شوقي, ابراهيم ناجي, علي محمود طه, وغيرهم الكثير.
ففي جزيرة العرب, حيث صفاء الذهن, وهدوء الليالي, وصفاء السماء, لا يسع المرء الا ان يكون صاحب كلمة رقيقة. فها هو الامير عبد الله الفيصل تتفتق عبقريته الشاعرية, وتسيل كلماته الرقراقة اريجا رائعا, تتلقفه اعذب الحناجر واكثرها شهرة في الوطن العربي. صدحت باشعاره أم كلثوم في ” ثورة الشك” و ” من أجل عينيك عشقت الهوى “, كما غنى له محمد عبده, و نجاة الصغيرة, نبيل شعيل, عبدالكريم عبد القادر, اضافة للشيخ مشاري العفاسي الذي اخذ انشودة دينية من كلمات الامير بعنوان ” مع الله ” حيث لحنها وغناها وخرجت ضمن البوم ذكريات عام 2008.
فكما كتب الشعر العمودي,كتب الشعر الشعبي, وابدع فيه, كيف لا, ومعظم من يقطن الجزيرة العربية اما قارضا لهذا الفن, او محبا له. له من الدواوين الكثير, فمنها وحي الحرمان, حديث قلب,مشاعري, وحي الحروف, خريف العمر. كان مولعا بحضور الامسيات الشعرية الموسمية, وكان مجلسه يشكل صالونا شعريا لعماقة الشعر وكبار قائليه. ولجودة اشعاره, فقد تزاحم أصحاب الاقلام والعلم لنيل شرف دراسة أعماله, والكتابة عنها والغوص في اعماقها. فالشاعرة” منيرة العجلان ” قد نالت شهادة الماجستير من جامعة السوربون اثر بحث قامت به عن شعر الامير عبدالله الفيصل, وهذا ” عزت محمود علي الدين ” قد
نال
درجة الدكتوراة بعد قيامه بدراسة مقارنة لظاهرة الاغتراب في شعر الفيصل وابراهيم ناجي. أما حورية العتيبي, وكانت حينها في كلية الاداب للبنات في الدمام,فقد نالت درجة الماجستير في دراسة قامت بها عن شعر الامير عبد الله الفيصل. وممن كتب عن شعر الفيصل من عمالقة الادب د. طه حسين, اضافة الى د. احمد كمال زكي, و د.حسن هويمل. كما تناول الكتاب والنقاد الكثير من اشعار الفيصل عبر صفحات الدوريات الادبية والصحف اليومية.
أطلق الامير عبد الله الفيصل على نفسه لقب” محروم “, وكتب ذلك على غلاف أحد دواوينه وهو” وحي الحرمان “. ومن مقولاته: ” أريد ان يكون شعري طبق الاصل لحياتي “. اهتم بالحركة الرياضية كثيرا, فهو المؤسس والراعي والمنفق بسخاء عليها, لما فيها من تنمية للجسد والعقل معا. ودعم كذلك النادي الاهلى المصري ماديا ومعنويا.
حاز على اوسمة كثيرة وجوائز تليق بجهوده التي قدمها. حصل على الدكتوراة في العلوم الانسانية عام 1981/اللوحة الالفية لمدينة باريس عام 1985/ جائزة الدولة التقديرية للمملكة العربية السعودية عام 1985 / دكتوراة فخرية من جامعة ” شاد ” الامريكية / منحه ملك المغرب الحسن الثاني العضوية في الاكاديمية الملكية المغربية لعام 1985 / الف عنه عبدالكريم عبدالله نيازي كتابا بالعربية, ومنيرة العجلاني كتابا بالفرنسية.
نعاه الديوان الملكي السعودي معلنا انتقاله الى جوار ربه في 8/5/2007 عن عمر يناهز 85 عاما اثر مرض عانى منه كثيرا .نقل الجثمان الى مقبرة العدل بعد الصلاة عليه في المسجد الحرام في مكة المكرمة. رحم الله فقيد الادب والشعر والامارة, واسكنه فسيح جنانه.
يونس عودة/ الاردن

yones3wdh

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة