انا وحماري والناس ..!

تاريخ النشر: 16/11/14 | 9:46


حماري وعكوب الحكومة

“اسطلني” حمار بنهيقه المنكر, فاجبرني على أخذه , الى اخذه الى شطحه في البراري ,مدعيا انه زهقت نفسه عيشه السجن في البيوت, ويريد ان يتمتع نفسه بما تجود به عليه هذه البراري, من طعام لذيذ ,وماء صافي وهواء القي…!
ولما انتهى من امتاع نفسه, بدأ يتصرف كما تتصرف الحمير بعد ان تشبع.. بدأ “يشاكل” ويرفس بقوائمه الأربع ورقبته, ومن ثم رمى بنفسه على الارض, وبدأ يتمرغ عليها, متمتعا بلذة “الحك” التي يحبها, ولم يختر من بقع الارض كي يتمرغ عليها ,الا مجموعة من نباتات العكوب, لعله في اشواكها مساعدة له, في حك جسمه الخشن…!!
وبينما نحن في هذه الحال, هو يتمرغ بالعكوب وانا اتمرغ بهموم ديوني ,واذا بسيارة خضراء تقف, محدثة دويا عظيما من فراملها…
– قف وارفع يدك…صرخ احد اثنين…
– ماذا فعلت…!!؟ قلت بعد ان وجدت يدي لارفعها.
– تقدم …تقدم واقترب منا…!! صرخ الثاني…
– لماذا تخرب نبات العكوب.. الا تعرف انه نبات محمي…!! ؟ارتفع صوت الثاني…
– انا..!! انا سيدي..!؟ اني منذ سنين لم اذق طعم العكوب, بعد حرمته علينا دولتكم الموقرة…!!
– انظر…انظر… ماذا فعل حمارك بالعكوب…!! صرخ أحدهم مؤنبا ..
– انه حمار- يا سيدي -لا يفهم بالقوانين… ولا يقرأ الصحف… وغيرها من وسائل الاعلام…!!

تركوا الحمار يتلف نعم الطبيعة ,اما انا فبت ليليتي ,اتمرغ على سرير السجن احلم بالحكومة والعكوب..! وقررت ومن هذا المنبر, ان اطالب حكومتي بانشاء مدارس للحمير, كي نفهم قوانينها ,ولا ندفع نحن البشر , ثمن”تياسة” حكومتنا وحميرنا…!!

حماري يطالب ببطاقة هوية
لا اعرف كيف ستحل حكومتنا مشكلة ,هوية اقامة حماري في بلدنا… وسأنتظر قرارها, عاملا بوصية ابي- رحمه الله – : “اترك ما للحكومة للحكومة…!” .
والمشكلة هي بدات..عندما اصر حماري على “قطع” هوية, بعد ان سمع ان حكومتنا الرشيدة,قررت اصدار هويات للحمير, وذلك ضمن اعادة تنظيم الدول, بما فيها حميرها…!!
رافقته الى مكتب الداخلية في المدينة, وعندما دخلت على الموظفة المسؤولة ,طالبا هوية لحماري. سألتني اين ولد حمارك. فأجبتها: ولد في مخيم جنين, ولم انتبه اني رميت حجرا في بئر ,الف حمار لا يستطيع اخراجه منها…!!
– في هذه الحالة لا استطيع اعطائه هوية…!! قالت الموظفة, كانهاحصلت على صيدا ثمينا.
– لماذا…!!؟ صرخت كالمصعوق.
– لانه لم يولد في اسرائيل..!! قالت وكانه شيئا عاديا.
واصل الحكاية ..انه قبل عدة سنوات,ركبت حماري الاول, وتوجهت لمخيم جنين, زائرا لاحد اقاربي, الذي يسكن هناك ,منذ ان طرده اليهود من قرية اجزم, فبتنا انا وحماري ليلتنا في ضيافة ..أنا مع قريبي نتذكر حسرة ايام اجزم وايامها…
اما حماري, فقد استضافته في بيتها اتانهم.. فلما تبين انها حملت منه, صمم اقربائي على اهدائي الوليد, وبعد ان اشتد عوده, انضم الى عائلتنا, وعاش في بيتنا نعزه ويعزنا…
نهيق حماري يسبب ازمة دولية ..!
لم اظن ان مشكلة حماري ستتحول الى ازمة دولية.. تدخل فيها جميع القوى الفاعلة في الداخل والخارج..!!
والمشكلة بدأت .. عندما جاءني جاري شاكيا : ان اولاده واحفادهم لا يستطيعون النوم بسبب , نهيق هذا الحمار.. وطلب مني واحد من امرين: اما ان اقلل من نوبات نهيقه, وعلوها .او اجد له مشتريا يخلص حارتنا منه.!!
ولما قلت له معتذرا “انه لا يمكنني فعل الاثنتين” , لاني لا استطيع التحكم بنهيقه.. ولا يمكنني بيعه. لان لعائلتنا معه ذكريات , فهي جزء من تراث العائلة المجيدة…!!
فلجأ الى القضاء,وما هي الا ايام.. حتى قامت زوبعه اعلامية, في جميع وسائل الاعلام.. كلها اجمعت على ضرورة حماية الحمار, واحترام حقه في النهيق, وكفالة حريته في ابداء رأيه, والتعبير عن نفسه, لان هذا حق طبيعي, لكل حيوان خلقه الله.! وعقدت جمعيه حماية الحيوان ,اجتماعا طارئا, كانت نتيجته ,اصدار بيان شديد اللهجة, تطالب جميع ذووي الضمائر الحية بالعمل- وبكل الطرق- من اجل حماية حرية الحمير في النهيق.! وتناقلت الصحف العالمية الخبر, وكلها هاجمت كل من لا يضمن حق الحمير, في النهيق كيفما ومتى شاء, واتصلت وزارة خارجية الولايات المتحدة بمثيلتها الاسرائيلية ,تطلب منها تفسيرات عاجلة, حول معاملة الحيوانات بشكل عام ,والحمير بشكل خاص.!
والغريب في الامر, ان كل هذه الاوساط الاعلامية والسياسية, لم تحرك ساكنا عندما حاول بعض اعضاء الكنيست سن قانون, يسكت صوت الاذان..!!
لعل صوت الحمير يطربها…!!

بقلم : يوسف جمّال – عرعرة
jmal-yosf2013

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة