حوار بين النائب صرصور وبروفسور دويري

تاريخ النشر: 01/10/14 | 5:19

صديقي العزيز بروفسور دويري، اشكرك على تفاعلك مع اجاباتي على اسئلتك، كما واشكرك على اسئلتك الاضافية والتي اعتقد انها جاءت ثمرة لقراءتك المستنيرة لما ورد في اجاباتي من تفاصيل…
طرحت في تعليقك ثلاثة اسئلة استنتجتَها من ثلاثة مقتطفات اخترتَها من مداخلتي.. هاك اجاباتي عل اسئلتك الحديدة…

الأول، قلتَ: لا أختلف معك في توصيف وحشية الغرب وإسرائيل واستهدافهما العرب والمسلمين وربما أن هذا ما تُجمع عليه معظم التيارات الوطنية في مجتمعنا. لكنني لم أجد في ردك جوابا واضحا للأسئلة التي وجهتها وبقيت متروكة للاستنتاجات. هل الحركة الإسلامية تهدف إلى إقامة دولة إسلامية كما تهدف إليها داعش؟ هل الاختلاف هو فقط على الطريقة أم أنه أيضا على شكل ومضمون الدولة؟ أرجو لو سمحت تزويدنا بإجابات واضحة لنعرف ما الفرق وما الشبه بين الحركة الإسلامية وداعش.
الجواب: نحن كأصحاب مشروع اسلامي نرى في قيام 22 دولة عربية ومن ورائها 35 دولة اسلامية، تطبيقا امينا ومخلصا لمؤامرات المستعمر وعلى راس هذه المؤامرات مؤامرة (سايكس بيكو)…. من صميم ديننا كما نفهمه ان امتنا واحدة ويجب ان تظل واحدة وموحدة جغرافيا وسياسيا… ليس هنالك امة في الارض تملك من اسس الوحدة كما تملكها امتنا: اللغة، الوطن الواحد والعقيدة (مسلمة ومسيحية وحتى يهودية)…. هكذا عشنا 14 قرنا من الزمان بحلوها ومرها.. من غير المعقول ان تعيش الصين (1.5 مليار انسان) في ظل حكومة واحدة ودولة واحدة، والهند (1.4) مليار انسان في دولة واحدة تحكمها حكومة واحدة تعتبر اكبر ديموقراطية في العالم، والولايات المتحدة (400 مليون) في دولة واحدة وموحدة، بينما العرب والمسلمون يعيشون في 56 دولة ممزقة لا ثقل لها لا في موازين الحضارة ولا موازين المدنية ولا موازين السياسة. نعم، نحن مع دولة واحدة وموحدة في كل عالمنا العربي تمهيدا لدولة واحدة وموحدة في كل عالمنا الاسلامي (1.4 مليار انسان)، (الولايات المتحدة العربية) تمهيدا ل – (الولايات المتحدة الاسلامية).. انا اريدها دولة مدنية على نهج النبوة والخلافة الراشدة التي حفظت للجميع حقوقهم على اساس المواطنة التي اسس لها النبي الكريم عليه السلام من خلال الميثاق الوطني الذي وقعه مع كل اهل المدينة عند وصوله اليها بعد الهجرة، والذي جعل اهل المدينة مهاجرين وانصار (مسلمون) ويهود ومن كان فيها من النصارى (امة واحدة)…. دولة مدنية ذات مرجعية اسلامية…
لكني لن افرض هذه الرؤية على احد وسأدع القرار فيها للشعب في اطار استفتاء شعبي يشارك فيه الجميع على قدم المساواة على قاعدة الشراكة والمواطنة… انا مع اختيار الشعب، وليختر الشعب ما يشاء.. أليست هذه هي الديموقراطية..؟!

الثاني، قلتَ: في ردك تقول أن استهداف التنظيمات الإسلامية “بهذه الوحشية الدموية المقززة دفع بالتنظيمات المتطرفة كداعش الى الادعاء ليس فقط بان القبول بالديموقراطية كفر، ولكن القبول بها اثبت ان القوى المضادة الدكتاتورية لن تقبل بهذا الحل اذا جاء بما لا يتوافق مع اهوائهم، ولذلك لا بد من العنف المبالغ فيه كحل في مواجهة من يذبحون شعوبهم بدم بارد كما حصل في مصر وكما يحصل في سوريا، والذي لا يقل بشاعة عما تفعله داعش “. في هذا النص أقرأ تبريرا لوحشية داعش الموجهة ليس ضد الأنظمة الاستبدادية الذي ذكرته بل ضد طوائف كاملة لا دخل لها بالأنظمة الاستبدادية.
الجواب: لعل في شهادات المؤرخين الغربيين ما يغني عن كثير من الكلام: (غوستاف لوبون كان قد أعلنها صريحةً تدفع كل افتراء حتى صارت كلمةً خالدة: « ما عرف التاريخ فاتحاً أرحم من العرب»، وأكّد أن الدعوة هي سبيل دخول الآلاف في دين الله لا القوة والقهر، فقال جوستاف لوبون بهذا الشأن: « إنه بالدعوة وحدها اعتنقت الإسلام الشعوب التي قهرت العرب مؤخراً كالترك والمغول »، وها هو (ول ديورانت) يعلن في كتابه (قصة الحضارة): “أن بلاد الأندلس لم تشهد في تاريخها حكماً أكثر حزماً وعدالةً وحريةً كما شهدته أيام فاتحيها العرب».)…
النبي الذي وصفه الله تعالى (وما ارسلناك الا رحمة للعالمين)، والخليفة الذي قال: (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا)، والممارسة الاسلامية عبر قرون طويلة من الزمن التي عاش في ظلها المسلم والمسيحي واليهودي والبوذي.. الخ.. في وئام، حيث حفظ الاسلام لهم حقوقهم وعقائدهم ومعابدهم وشاركهم في بناء الحضارة والمدنية الجديدة، لا يمكن لدين كهذا ان يقبل بممارسات وحشية ضد مدنيين عزل مهما كان دينهم او ملتهم او عقيدتهم مهما كان مبررها.. وعليه فنحن نرفض العدوان على المدنيين المسالمين قولا واحدا، لأننا نحن المسلمين ضحايا هذا الارهاب الذي يُمارس علينا كما قلت سابقا.. ويكفينا قول الله: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)، وقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾… وقوله: (وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوَاْ إِنّ اللّهَ لاَ يُحِبّ الْمُعْتَدِينَ)…
يكفينا هذا شاهدا على ان اسلامنا ما اقر قتلا لبريء، ومن ادعى ذلك فلا علاقة له بالإسلام الذي عرفناه وعرفه تاريخ الانسانية الطويل..

الثالث، قلتَ: تقول أن أعداء الأمة هم الأنظمة الاستبدادية، والقوى العلمانية والليبرالية (دون تعميم)، وتنظيمات رفعت لافتات إسلامية كداعش ومثيلاتها، وتقترح في النهاية الحل: ” التخلص مرة واحدة من الأطراف الثلاثة. وهنا أسأل هل نسيت القوى الغربية والصهيونية هنا ؟ وماذا عن نصف شعبنا الفلسطيني الذي هو علماني وليبرالي؟ هل يجب التخلص منه.
الجواب: لو قالها غيرك يا بروفسور من غير العارفين ببواطن الامور لما عتبت عليه، اما ان يصدر هذا الكلام من حضرتك على ما تتمتع به من عقل راجح، فمن حقي ان اعتب عليك عتب الأخ على أخيه… ما قلتُهُ في ردي السابق مما ذكرته في مقتطفك وسؤالك متعلق بالشأن الداخلي للامة، فقد استقر في يقيني انه لا نهضة لها الا بالتخلص من اعدائها الثلاث الذي ذكرت.. اما اعداء الخارج، فقد حدد ربنا سبحانه استراتيجيةَ التعامل معهم منذ نزل القرآن الكريم، فقال تعالى: (إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ، وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ).
هؤلاء فقط هم من امر الاسلام بقتالهم فقط: امريكان، صهاينة، انجليز، فرنسيين.. الخ… وفي حالة واحدة: عند اعتدائهم الفعلي على (الأمة) بعضِها أو كلِّها، أو حينما يثبون على ارضهم ومقدساتهم، وعند اخراج هذا العدو (الامة) او جزءا منها سواء كانوا مسلمين، مسحيين او غيرهم) من اوطانهم. فهل هنالك وضوح اكثر من هذا الوضوح.؟ّ!!!!!!
أما سؤالك عما أسميته (نصف شعبنا الفلسطيني الذي هو علماني وليبرالي؟ هل يجب التخلص منه ؟)، فلا اعتقد انك تخالفني الرأي في أن القوى الليبرالية والعلمانية ممن لَعَقوا احذية العسكر في مصر، وساهموا في ذبح اول ديموقراطية وليدة بعد مئات السنين من الدكتاتورية والاستبداد لمجرد ان نتائج الانتخابات لم ترق لهم، وسكتوا عن المذابح التي ارتكبها الانقلابيون المجرمون، وعن انتهاكات حقوق الانسان التي يمارسونها من اعتقال سياسي وملاحقة وتنكيل ومحاكمات ظالمة وباغية، ومن على شاكلتهم في وطننا العربي والاسلامي بما في ذلك في فلسطين، هم اعداء الليبرالية والعلمانية المستنيرة التي تعلن رضاها بقواعد العملية السياسية واستعدادها لحماية مكتسبات الشعب في هذا الباب، تما كما قال فولتير: (قد أختلف معك في الراي ولكني مستعد ان ادفع حياتي ثمنا لحقك في التعبير عن رأيك)..
بناء عليه، يجب ان نفرق بين القوى الليبرالية والعلمانية المستنيرة حسب الوصف الذي ذكرت، وهؤلاء هم شركائي في النهضة التي احلم بها، اما الاستئصاليون المجرمون فهم اعدائي تماما كما الانظمة المستبدة والدكتاتورية والأخرى التكفيرية التي احتكرت فهم الاسلام، وقالت (ما أريكم الا ما ارى).
والسلام عليكم…

0

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة