هذا الشلل الفلسطيني.. إلى متى؟

تاريخ النشر: 23/09/14 | 22:47

الشتاء على الأبواب. والمدارس معطلة. وأبنيتها ممتلئة بآلاف من الأسر التي فقدت مأواها بسبب التدمير الممنهج الذي مارسه العدو خلال عدوان الواحد وخمسين يوما.. هذا في قطاع غزة المحرومين أهله حتى اليوم من كثير من أساسيات الحياة البشرية. مع ذلك، الانتظار حصة من آمنوا بأنهم لم يهزموا وأن إرادتهم هي التي انتصرت على الآلة التدميرية الأقوى في العالم. فهم انتصروا حين أصروا على الصبر والتمسك بالمقاومة وبلورة حالة وحدة قتالية جمعت الفصائل الفلسطينية كلها ووحّدت صفوفها مدعومة بإرادة شعبية قل نظيرها. بيد أن عامل الوقت لا يضاعف معاناتهم الإنسانية وحسب، بل ايضا يجدد مخاوفهم من انفراط عقد المصالحة لمصلحة الانقسام وعودة الأمور الى مربعها الأول بين السلطة في رام الله وحماس في القطاع. وبدل ان يسارع الجميع الى مداواة الجروح والبناء على حالة الانتصار المعنوي والشروع في إعادة بناء ما دمّره العدوان، طفت على السطح الاتهامات والاتهامات المتبادلة بين الطرفين، الى حد نكران حالة الانتصار من قبل قيادات فلسطينية بعينها واللجوء الى المهاترات ولغة ما قبل المصالحة وما قبل تشكيل حكومة الوفاق.
لا ينكر أحد أن السلطة ورئيسها يتعرضان لضغوط شديدة، مالية وسياسية من أميركا والكيان الصهيوني ومن المانحين وبعض الأطراف العربية، لكي يتخليا عن مسؤولياتهما في القطاع. هكذا تمتنع السلطة عن دفع رواتب الموظفين في القطاع كونهم بحسب رام الله غير شرعيين. فيسهم هذا الوضع في زيادة معاناة آلاف من أسر القطاع. والمطلب المعلن في رام الله هو ان يكون كل ما في القطاع تحت هيمنة السلطة الفلسطينية، حتى تستطيع السلطة أن تمارس ما يمليه عليها واجبها حيال نحو مليوني إنسان هناك. ولكن، في الجانب الآخر، يتردد المقاتلون في قبول الخضوع لسلطة محكومة بنواظم واشتراطات اتفاقية «اوسلو»، مع التمسك المعلن من قبلها بـ«قدسية» التنسيق الأمني اليومي مع الاحتلال. فهذا يعني، في نظر الرافضين، احتمال تحقيق الهدف الصهيوني المعلن، وهو تجريد المقاومة من سلاحها، أي ما فشل العدو في تحقيقة طوال عدوانه التدميري.
الضغط ايضا تتعرض له حركة «حماس» في الداخل، ومن المحاور العربية والإقليمية. فثمة من يريد التنصل من واجبات إعمار غزة بذريعة «حماس» وتحت لافتة عدم منح «حماس» استحقاق انتصار يرونه موهوماً في ضوء الخسائر الهائلة التي دفعها أهلنا في القطاع على مدى أيام العدوان.
هنا تبدو الأمور مشلولة تماما، ان لم تتجه انحدارا الى الأسوأ. ليس صحيحا ان الحرب كانت ضد «حماس» كما ليس صحيحا انها استهدفت فقط وجود «حماس» وسلاحها، بل الصحيح أنها حرب عدوانية استهدفت القرار الفلسطيني في المقاومة والإرادة الفلسطينية في الصمود والتمسك بهدف التحرير. كل إيجابية أنتجها الصمود لا تقتصر على فصيل دون سواه بل تمتد وتتسع لتشمل التنظيمات كلها وشعب فلسطين كله في الداخل وفي الشتات. بالتالي، فالعودة الى المربع الأول بعلنية الصراع بين القطاع والضفة هو أمر يسهم في تجريد الفلسطيني من إحساسه بالنصر وعلى أشلاء ودماء ودموع الآلاف من الأهل، وتكريس الانقسام وتعميق مأساة المشردين، ومنهم الطلبة من مواصلة دراستهم.
المستفيد الوحيد من حالة الشلل الراهنة هو العدو الذي يسعى الى قلب حقيقة فشل عدوانه الذي أثر على جبهته الداخلية الى حد إعلان 30 في المئة من المستوطنين رغبتهم في مغادرة الكيان والعودة الى بلادهم الأصلية.
من يتطوع لإنهاء حالة الشلل والانتقال الى فعل يتوزع في اتجاهين معا: تضميد جراح الأهل في القطاع، والسعي الى تفعيل المصالحة وتوحيد المواقف؟ أليس ممكناً العودة الى تفعيل وبناء وتوسيع منظمة التحرير الفلسطينية لتكون بحق الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني؟
نواف ابو الهيجاء -السفير

jagj

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة