أمسية أدبية عن رواية “واقع مأجور” للكاتب فؤاد سليمان

تاريخ النشر: 18/09/14 | 8:54

استضاف النادي الثقافي التابع للمجلس الملّي الأرثوذكسي الوطني في حيفا، الذي يرأسه ويديره المحامي فؤاد نقّارة، أمسية أدبية حول رواية الكاتب فؤاد سليمان الأخيرة “واقع مأجور”. وشارك في الأمسية التي جرت مساء الخميس الماضي جمهور من المثقفين، الذين أسهموا في الندوة بنقاشات عديدة وممتعة. افتتح الندوة الاستاذ فؤاد نقّارة بكلمة قصيرة رحب فيها بالحضور، ثم تحدث فيها المربي والكاتب فتحي فوراني، والشاعر الأستاذ أنور سابا، والممثلة لـنـا زريــق التي أدارت الندوة بلباقة، وأسهمت بعدة قراءات لنصوص مختارة من الرواية، بأداء مسرحي راق.
الأستاذ فوراني ألقى محاضرة مستفيضة عن مسيرة فؤاد سليمان الفنيّة، مستعرضًا اسهامه المميز في كتابة الرواية والموسيقى، ثم قام بتحليل الرواية بحبكتها وشخصياتها والمحاور الفلسفيّة والنفسيّة التي تدور حولها. من ضمن ما قالة الأستاذ فوراني هو أن “الواقع المأجور” الذي أنشأه الكاتب هو واقع مجازي افتراضي يبحث فيه مسعود، بطل الرواية، بسراج وفتيلة عن الصداقة الحقيقية. وفي رأي الأستاذ فوراني فإن موضوع الرواية الأساسي هو الغربة التي يعيشها الإنسان المعاصر، والذي ينعكس بشدّة من خلال شخصيّة مسعود الغريب في وطنه وفي مجتمعه وحارته، وحتى في دائرة انتماءه الصغرى بين أفراد عائلته. ونوه الأستاذ فوراني إلى كون موضوع الغربة يحتل مساحات بارزة في عالم الأدب من رواية وقصة وشعر، مشيرًا إلى رواية الغريب لألبير كامي وقصيدة مقتل صبي للشاعر المصري أحمد حجازي ورواية “اللص والكلاب” لنجيب محفوظ. وبحسب الأستاذ فوراني فإن مسعود، بطل الواقع المأجور، يحاول أن يخرج من زنزانة الغربة إلى الهواء الطلق، باحثًا عن أصدقاء صدوقين، مجندًا ما يملك من مال لبناء منظومة أصدقاء يأنس لهم، فيفشل في مهمته على عدة جبهات، غير أنه يجد الراحة في الواحة، يجده في أحضان ليلى الدافئة، وهنا أيضًا يفشل فشلا ذريعًا، وتكون النهاية درامية. ولخص الاستاذ فوراني تحليله بالقول أن أسلوب الحوار الذي اعتمده الكاتب يُكسب الرواية الحيوية والدينامية ويبعدها عن الرتابة عن السردية، كما وأشار إلى اللغة دقيقة التعابير التي تميّز الرواية، والتي وصفها بلغة علمية-أدبية، اعتمدها الكاتب متأثرًا بالدقة العلمية من خلال دراسته في علم النفس، وبكونها لغة بعيدة عن أساليب البلاغة العربية المألوفة من مجازات وتعابير وتشبيهات وخيال، بل هي لغة واقعية تعالج العواطف الساخنة بعقل بارد، لكنها في الوقت ذاته لغة شفافة ومليئة بالعبارات الموحية التي تترك للقارئ أن يتخيّل ما بعد الحدث.
وأنهى الأستاذ فوراني محاضرته بالسؤال: هل أعطى الكاتب لبطله الاسم مسعود صدفة؟ وهل كان مسعود مسعودًا؟، مشيرًا بذلك إلى المفارقة الواضحة في التسمية، والتي تذكر بسعيد مهران بطل اللص والكلاب، لنجيب محفوظ، فسعيد مهران لم يكن سعيدًا إطلاقًا، وكذلك الأمر، لم يكن مسعود مسعودًا. وفي رأي الأستاذ فوراني فإن الرواية تستحق القراءة لأنها “وتر غير مألوف في معزوفة الأدب الفلسطيني في هذا الوطن”.
الأستاذ الشاعر أنور سابا أجرى في محاضرته تحليلا عميقًا لموضوع الرواية ولشخصيّاتها، مشيرًا الى أن الرواية تمثل نوعًا أدبيًّا يختلف عما عهدناه. كما وأجرى الشاعر سابا مقارنة بين بناء سليمان لشخصيات روايته وبين شخصيات رواية الخيميائي لباولو كويلو، وعشيقتي كارلا برونو لعلاء حليحل، مشيرًا إلى أنه في حين أختار كويلو وحليحل تزيين الكتابة بجماليات نصية تدعوك للاستمرار، فإن سليمان اختار أن يعالج أحداث روايته وشخصيّاتها بمنظار فلسفي حكيم بعيد عن الجماليات النصية، بل بنص جاد وقاطع كأنه مبضع فلسفي، وأن هذا النص يصل ذروة الجمال في الوصف الفلسفي لرقصة “ليلى” ، حبيبة مسعود، المرأة الحقيقيّة الوحيدة التي لا ينجح مسعود في شرائها وإدخالها إلى شبكة واقعه الافتراضي المأجور.
بعد المحاضرتين جرى نقاش ممتع بين الحضور وبين المحاضرين والكاتب، الذين أجابوا على اسئلة عديدة طرحتها مديرة الندوة، الممثلة زريق، إضافة إلى اسئلة ونقاشات عديدة أسهم فيها العديد من المثقفين الذين حضروا الندوة. في ختام الندوة عزف الكاتب على جيتاره مقاطع ارتجاليّة بأسلوب موسيقى الجاز، كما وقام بتوقيع نسخ من كتابه.

00

0

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة