كائنات معرضة للانقراض بسبب تغير المناخ والاحتباس الحراري

تاريخ النشر: 23/09/14 | 0:02

إن فقدان الأنواع يومًا بعد يوم يضعف قدرة البيئة على دعم الحياة.. بل إن فقدان النوع الواحد قد يؤدي إلى انقراض آخر، مثال ذلك العصفور الناقل لحبوب اللقاح من زهرة إلى زهرة.. فإذا فُقد هذا العصفور فإن ذلك يؤدي يومًا ما إلى فقد النبات.و قد برز أن الروابط بين التنوع البيولوجي و تغير المناخ تعمل في الاتجاهين ؛ فالتنوع البيولوجي مهدد جراء تغير المناخ ، ولكنه هو يمكنه أن يخفض من تغير المناخ و تأثيراته. وتشمل عواقب تغير المناخ على عنصر الأنواع في التنوع البيولوجي ما يلي:
– تغيرات في توزيع الأنواع.
– تزايد معدلات الانقراض.
– تغيرات في توقيت التكاثر.
– تغيرات في طول فترة النمو.

و تلك التغيرات تنذر بحدوث انقراض جماعي الذي يمكن تعريفه بأنه ظاهرة دورية تتكرر على الأرض من آن لآخر وينتج عنها اختفاء جماعي لمعظم مخلوقات الأرض لتظهر بعد ذلك مجموعة أخرى من الكائنات ذات صفات جديدة ومختلفة في الغالب عن سابقتها. إن الانقراض بدأ مع الحياة منذ ما يقرب من أربعة بلايين سنة.

ويقدر علماء الحفريات أن هناك ما يقرب من خمسة انقراضات كبيرة حدثت منذ بداية الكون، وهي غالبًا إما أن تحدد نهاية حقبة من الزمان أو بداية أخرى. وتتم الدراسات عادة على بقايا حفريات الكائنات البحرية والتي تؤكد للعلماء أن في كل مرة من تلك الانقراضات يموت من ربع إلى نصف الأنواع الحية جميعها خلال عدة ملايين من الأعوام. وكان أكبر انقراض حدث منذ 240 مليون سنة، فقد قضى على 54% من الفصائل، و96% من الأجناس البحرية، مما يعنى القضاء على أعداد كبيرة من حيوانات المحيطات، واختفت المفصليات (الحشرات والعنكبوت والقشريات والحيوانات عديدة الأرجل) مثلها مثل العديد من الحشرات والمرجانيات السائدة في ذلك الوقت و إجمالا اختفى فيه من 80 إلى 96% من كل الأنواع الموجودة، ومن قبله كان الانقراض الذي حدث منذ 435 مليون سنة نتيجة جليد هائل اكتسح الأرض ، وآخر منذ 360 مليون سنة مات فيه عشرات الآلاف من المخلوقات خاصة الكائنات الدقيقة، وكان هناك انقراض آخر من 205 ملايين سنة.. قضى على كثير من أنواع الزواحف والبرمائيات؛ مما أدى إلى ظهور عصر الديناصورات، أما أحدث انقراض فقد حدث منذ 65 مليون سنة حينما اختفت الديناصورات ليظهر عصر الثدييات الذي نعيش فيه الآن. وقد تكررت هذه الظاهرة في الخمس مرات كلها لأسباب طبيعية نتيجة تغيرات مناخية شاملة أو ثورات بركانية ضخمة أو غيرها من الكوارث المفاجئة، و قبل ظهور الإنسان . لكن الجديد في موضوع الانقراض أن كوكب الأرض يعاني حالياً من أعراض انقراض جماعي كبير، سيكون السادس في تاريخ هذا الكوكب والمفارقة في ذلك، أن أول انقراض كبير تشهده البشرية قد يكون من صنع يديها.

وقد بلغت جملة الحيوانات والنباتات المهددة بالانقراض حوالي 15,589 نوعاً، منها 7266 نوعاً من الحيوانات و8323 نوعاً من النباتات والأشينات.

ويتضح من الأبحاث أن نسبة الأنواع المهددة بالانقراض هي:
“1″من كل “4 ” أنواع من الثدييات ،”1″ من كل “7″ أنواع نباتية،”1″ من كل “8″ أنواع من الطيور .

وكان أول ضحايا تغير المناخ الضفدع الذهبي الذي انقرض مؤخرا وضفدع مونتفردي المهرج، ، كما أن التغير الحالي في المناخ أدي بالفعل إلى تحويل مجتمعين من هذه الضفادع إلى لاجئين فمستعمرة لاتو الواقعة في سلسلة جزر المحيط الهادي في فانواتو، و قرية شيشماريف الواقعة على جزيرة صغيرة في ألاسكا نقلا من موقعيهما مؤخرا؛ لتمكن الأولى من الهروب من ارتفاع منسوب مياه سطح البحر ، والأخرى للهروب من الأراضي دائمة التجمد التي تسبب وهن الكائنات ، دولفين البايجي يعد في عداد المنقرضين تقريبا في عام 2006، حيث لم يظهر المسح الصوتي والبصري شيئا يدل عليه، وذلك نتيجة للآثار الحالية والمستقبلية لتغير المناخ وقبل سنوات قليلة تم شطب الفراشة الخضراء التي عرفت على إحدى جزر هاواي من القائمة باعتبارها مُنقرضة علاوة على ذلك يوجد عدد كبير من الأنواع مهددة بسبب تغير المناخ و فيما يلي أمثلة لتلك الأنواع:

الشعاب المرجانية:
تعد الشعاب المرجانية الأكثر تعرضا لمخاطر التغيرات المناخية، جراء زيادة غازات الدفيئة في الجو وارتفاع حموضة البحار والمحيطات بسبب ذوبان ثاني أكسيد الكربون بشكل متزايد في المياه وتكون حامض الكربونيك مما ينجم عنه ضعف حاد في تركيب تلك الكائنات البحرية، وهذا بدوره يؤدي إلى إصابة الشعاب المرجانية بظاهرة الابيضاض، أضف إلى ذلك أن ارتفاع درجة حرارة المياه يسهم أيضا في حدوث هذه الظاهرة المدمرة للشعاب المرجانية، و يهدد تلك الشعاب المرجانية بالزوال والفناء.

وقد أكد تقرير صادر عن الشبكة العالمية لرصد الشعاب المرجانية أن خُـمس مساحة الشعاب المرجانية في العالم، فقدت بالكامل وهو ما يعادل 19% منها، كما أكد التقرير أن 35% أيضا من تلك الشعاب مهددة بالزوال خلال السنوات القليلة القادمة.

وقد بين التقرير أن المخاطر التي تواجه الشعاب المرجانية تتمثل في الدرجة الأولى بالتغيرات المناخية المتسارعة التي شهدها كوكب الأرض خلال السنوات القليلة الماضية مما أدى إلى ابيضاض الشعاب Coral bleaching ( فقد دائم أو مؤقت للصبغات أو الطحالب الموجودة في أنسجة الشعاب المرجانية)، و تتميز الشعاب المرجانية بأنها كائنات بحرية حساسة لكافة التغيرات في بيئتها، كدرجة الحرارة ودرجة الحموضة والتلوث وغيرها من العوامل التي تؤدي إلى تغير في التوازن الايكولوجي للبيئة البحرية الخاصة بها.

وتعد الموائل الطبيعية لهذه الكائنات من أولى الأنظمة البيئية البحرية تأثرا بالانعكاسات الخطيرة لظاهرة الاحتباس الحراري العالمية وتعد ظاهرة ابيضاض الشعاب المرجانية، من الظواهر المعروفة عالميا، وقد شهد العالم حدوثها في عدد كبير من البيئات البحرية العالمية أشهرها في عام 1998حيث قدرت الدراسات أن زهاء 16% من مساحة الشعاب المرجانية في العالم أصابها الدمار، وأعقب ذلك في عام 2002 حدوث مثل هذه الظاهرة، ويتوقع علماء البيئة انه خلال السنوات القليلة القادمة سوف يشهد كوكب الأرض مثل هذه الظاهرة الخطيرة والتي ستكون واسعة الأثر ومدمرة لمعظم موائل الشعاب المرجانية في العالم، لذا قد يفقد الرصيف المرجاني الكبير في استراليا 95 % من عدد الشعاب الموجودة به بحلول عام 2050.

الدب القطبي:
في القطب الشمالي، يهدد انصهار الجليد و انحسار مساحته موئل الدب القطبي الذي يقتصر وجوده على منطقة القطب الشمالي وألاسكا وكندا وروسيا والنرويج و جرينلاند و ما حولها، لا توجد إحصاءات دقيقة عن العدد الإجمالي للدببة القطبية في العالم ولكن البعض يقدر أعدادها بحوالي 22.000 – 25.000 ويعيش حوالي 60% منها في كندا، و يُشار إلى أن الدب القطبي يعيش في المتوسط قرابة 30 عاماً شريطة توافر الشروط البيئية والغذائية المناسبة. وللدب القطبي قدرة فائقة في تقدير الأعماق و المسافات ولديها حاسة شم قوية وبإمكانه الجري بسرعة تصل إلى 55 كم في الساعة ، كل هذه الصفات بالإضافة إلى اللون الأبيض لفروة الدب التي تمنح القدرة على التخفي فوق الثلج جعلت من الدب القطبي صيادا ماهرا . تعتبر الدببة القطبية من أكلة لحوم الحيوانات الضخمة كالفقمة، وهي مهيأة للعيش في بيئة جليدية، حيث أن لديها خمسة مخالب طويلة ومنحنية تساعدها على عدم الانزلاق ولها وسائد من الفراء في باطن القدم يساعد على تدفئة القدمين. يعد الدب القطبي من أمهر الدببة في مجال السباحة وهي أقل حجما من الدببة البنية الضخمة ولها رأس اصغر حجماً إلا أن عنقها أكثر طولاً وأقل سمكاً من معظم الأنواع الأخرى.

واعتبر حاليا من الحيوانات المهددة بالانقراض وذلك بسبب انحسار موطنه بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري. هناك دراسات أجريت مؤخرا وأفادت بأن معدلات بقاء صغار الدببة القطبية على قيد الحياة انخفضت مقارنة بما كانت عليه قبل 20 عاما ويعزي الباحثون سبب انخفاض معدلات البقاء على قيد الحياة إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض مما أدى إلى ذوبان أجزاء كبيرة من الكتل الجليدية قبالة سواحل شمال ألاسكا مما قلص المساحة التي تبحث فيها الدببة عن الطعام عند حافة الكتل الجليدية.

الحيتان:
تقلبات المناخ في أمريكا الشمالية تخفض أواهل البلاكتون، التي هي مصدر الغذاء الأساسي للحوت الحقيقي في شمال الأطلنطي.كما أن تضاؤل القشريات الصغيرة “الكريل Krill” في المياه القطبية نتيجة الاحتباس الحراري, يشكل تهديدا لاستمرار الحيتان الزرقاء التي تعد أضخم أنواع الحيتان على الإطلاق، نوع من الحيتان عديمة الأسنان يعرف باسم (الحوت الأزرق) ويتميز هذا الحوت الأزرق بلون جلده الأزرق المائل إلى الدكنة (أو اللون الرمادي) والمنقط بعدد من النقاط الأفتح قليلاً في اللون، وهو صاحب أضخم جثة لكائن حي عَمَرَ الأرض في القديم والحديث وأعلى نبرة صوت لكائن حي، يتراوح طول الحوت الأزرق البالغ بين 20 متراً، و33 متراً، أما وزنه فبين 90 طناً و180 طناً، ورأس هذا الحوت وحده ربع طول جسده، وجسمه الطويل يستدق في اتجاه الذنب وهذا الحوت العملاق يتميز بالهدوء الشديد.

“الكريل” -وهي قشريات مجهرية تشكل الغذاء الرئيسي للحيتان الزرقاء- تختفي من البحار القطبية بسبب ذوبان الجليد الذي تسكنه طحالب بحرية مجهرية تتغذى منها الكريل بدورها. وأدى ارتفاع حرارة الأرض في العقود الأخيرة إلى تقلص مساحات الجليد وكمية الطحالب البحرية التي تستهلكها الكريل. وإذا استمرت هذه الظاهرة فقد تؤدي إلى انقراض هذه الحيتان وبلبلة النظام البيئي برمته في جنوب الأطلسي.

البرمائيات:
وعلى نطاق عالمي، تعد التغيرات في البيئة الطبيعية وانتشار الصناعة، وتغير المناخ، أهم العوامل التي أثرت سلبا على الأنواع المعروفة للبرمائيات والتي يبلغ عددها 5743 نوعا. وعلى مدى الخمسة وعشرين عاما الماضية انقرض 122 نوعا من أنواع الحيوانات البرمائية في العالم . وتصاب الضفادع بفيروس يؤدي إلى إصابتها بالمرض، ولكن فطرا جديدا بدأ يهدد الضفادع في أنحاء العالم المختلفة مؤخرا و يرتبط ارتفاع درجة الحرارة بتفشي ذلك الفطر .

ظهرت أولى حالات الإصابة بالفطر في بريطانيا. ومن أعراض الإصابة بالفيروس إصابة الضفدع بالقروح والنزيف مع ضعف في الساقين . أما أعراض الإصابة بالفطر فتشمل ميل الجلد إلى أن يصبح أكثر سُمكا، وإصابة الضفدع بالتشنجات.كما أن الدفء يسبب تغير في طبيعة موطن تلك الأنواع ما يؤثر سلبا على تكيفها مع حياتها وذكر على سبيل المثال العلجوم أو الضفادع العادية الأكثر شيوعاً في أوروبا التي تواجه تهديداً متزايداً في جنوب بريطانيا بسبب دفء الشتاء، ما يؤثر على وظائفها خلال سباتها الشتوي.

السلاحف:
درجات الحرارة الأكثر ارتفاعا في مناطق المحيط الهادئ تقلل من عدد المواليد من الذكور من السلاحف البحرية وتهدد أواهل السلاحف. والواقع أن جنس مواليد السلاحف البحرية يتوقف على درجات الحرارة إلى أن يصل للانقراض، كما تعد السلحفاة المصرية من أكثر الكائنات المهددة بالانقراض و قد تم إدراجها على القائمة الأولى من اتفاقية GIIES التي تحرم الاتجار الدولي بهذا النوع الذي لا يتواجد إلا في ثلاث دول من العالم و هي مصر و ليبيا و فلسطين ، كما أنها ذات معدل منخفض في التكاثر حيث تضع الأنثى عددا متواضعا من البيض كل سنة يتراوح بين 4 و7 في حفرة صغيرة في الأرض. و تعد السلحفاة المصرية واحدة من أصغر السلاحف في العالم، حيث لا يتجاوز طول الأنثى 14 سم أما الذكر فهو أصغر حجما ويتميز عن الأنثى بطول ذنبه. هذا النوع الذي يتحمل ظروف حياة قاسية وتساعدها على البقاء عدة خصائص، منها صغر حجمها ولونها الرملي مما يساعدها على الاختفاء عن أنظار أعدائها تتوافق فترات نشاطها مع مواسم هطول الأمطار فتنشط في فصلي الخريف والربيع وحتى في الشتاء، لكنها تكمن وتختفي تماما في الصيف ، و ارتفاع أكثر في درجة الحرارة يعني موجات أشد من الجفاف ونسبة أقل من الأمطار، مما يعني فناء هذا النوع النادر تماما.

الكنغر:
يعد الكنغر أشهر و أكبر الحيوانات الجرابية. ويضم 90 نوع ، أكبرها الكنغر الأحمر ويبلغ علوه المترين ويعيش في المناطق العشبية المكشوفة في جماعات أو أسرابا، وترعى هذه الأسراب أثناء الليل وتستريح في الظل في النهار، يستعمل أرجله الخلفية للحركة وذنبه القوي يتحرك بالقفز والركض وباستطاعة الكنغر البالغ أن يقفز مسافة عشرة أمتار ويجتاز حاجزا علوه مترين ونصف والرجلان الخلفيتان والبراثن تستعمل للدفاع مثلا عندما يتنافس ذكران أو أن تهاجمها كلاب المزارع وعندها يمكن أن يلحق الكنغر أذى بالغا بالكلاب والكنغر سباح ماهر وحفار سريع وكثيرا ما يحفر في الأرض بحثا عن ماء الشرب ، و النوع الصغير منه يدعى الكنغر الجرذ. وظاهرة الاحترار العالمي كانت لها آثار كارثية على فصيلته كلها إذ أن زيادة درجات الحرارة بمعدل درجتين مئويتين فقط يقلص أعداد الكنغر بنسبة 48%، أما في حال ارتفاعها بمعدل ست درجات فقد تتراجع أعداد الفصيلة بنسبة96%.

النسور:
النسور السمراء و التي تنتمي لجنس Gyps وهو من فصيلة الصقور، و تتميز تلك الأنواع بخلو منطقة الرقبة و الرأس من الريش و طول الرقبة. و هي مهمة جدا بالنسبة للتوازن البيئي حيث أنها تتغذي على الأنسجة الطرية في جيف الحيوانات النافقة. وقد بدأت أعداد هذه الحيوانات في الانقراض خلال العقود الأربعة الماضية بسبب إصابتها بفيروس يزداد انتشاره مع ارتفاع درجة الحرارة ،لذا يشكل الاحترار العالمي خطرا على أنواع النسور السمراء الآسيوية.

8

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة