رسالة لطلابنا: سنة موفقة وآمنة

تاريخ النشر: 01/09/14 | 16:50

كان دائماً للأول من أيلول وقع خاص.. صوت جرس الحصة الأولى من السنة الدراسية الجديدة.. مَن بقي مِن الزملاء في نفس الصف ومَن منهم غادر.. وأي المعلمين سيرافقوننا هذا العام.. وكيف وهل..
أما اليوم فإننا نفتتح سنة دراسية جديدة بوجه مختلف وليس وجهاً مشرقاً بل قاتماً وأليما.. ففي أسبوع واحد داهمتنا خمس جرائم قتل كان ضحية إحداها مدير مدرسة عمال في الطيبة المربي والصديق يوسف شاهين الذي قُتل في مكان كنا نعتبره مكاناً مقدساً ذا هيبة ورهبة.. غرفة مدير المدرسة.. فماذا نقول لطلابه في الأول من أيلول وكيف نمضي معهم بالمسيرة التربوية والتعليمية بعد أن فقدوا ” الأب ” الذي يرعاهم اكاديمياً ويرشدهم في أولى خطوات النجاح والتعليم.

نحن لا نقلل من أهمية التحصيل الدراسي في مواضيع الرياضيات والفيزياء واللغة العربية وغيرها، ولكن يؤسفنا ان تكون أولى حصص الرياضيات هذا العام مجموع ضحايا الجرائم في مجتمعنا العربي في اسبوع واحد وفي شهر وعام، وأولى حصص الفيزياء عن سرعة الرصاصة المنطلقة من المسدس باتجاه صدر رجل او امرأة، وأولى حصص اللغة العربية هذا العام هي كلمات ” العنف.. القتل.. الاغتيال.. الضحية.. الجريمة.. العقاب “. ليس هذا القاموس الذي نريد لطلابنا ان يبدأوا به سنة دراسية جديدة. مكافحة العنف مسؤوليتنا جميعاً، فبموازاة تحميل المسؤولية على جهاز الشرطة لجمع الأسلحة المنتشرة في بلداتنا العربية وفك لغز الجرائم التي ما زال مرتكبها مجهولاً حراً طليقاً، لا بد من ان نتحمل نحن ايضاً المسؤولية كلٌ في موقعه: المعلم، الأهل، الشيخ، المثقف، الصحفي، الكاتب، السياسي والمربي. هذا العنف المستشري في مجتمعنا كفيل بتدمير كل ما يبنيه العلم والشهادات.. وبدلاً من ان نخطو في درب الشعوب التي تُنجز وتقدم للبشرية في مجالات الأكاديميا والبحث نجد شبابنا يتخبطون بين جريمة وأخرى ويرون السلاح لغة للتعبير ويرون العنف وسيلة للتحصيل.. كما أن بعض طلابنا نراهم يتباهون في صفحات الفيسبوك بأسلحة يمتلكونها ويتفاخرون بها وكأنها كتاب أو وسام، والحقيقة ان هذه وصمة عار وخطيئة في حق الطالب وأهله، وكل من حوله يرى ولا يحرك ساكناً.
ليس هكذا ينبغي ان يبدأ طلابنا السنة الدراسية، بل ومن واجبنا ان نهيّئ لهم جواً مريحاً وآمناً لكي يُبدعوا ويتفوقوا.. ليس هناك شعب أفضل من ابنائنا ولكن هناك شعوب تعرف كيف تدفع بأبنائها إلى الأمام.. ونحن نغرق في مظاهر العنف والجرائم والسلاح الذي استبدل القلم. فتعالوا نبني هذا الجيل على العلم والأخلاق، وكما قال معروف الرصافي ” ولا تحسبن العلم في الناس منجياً.. إذا نكبت أخلاقهم عن مناره “.
وفي مثل هذا اليوم لا ننسى الطالب محمد أبو خضير الذي لن تتسنى له لحظة بدء السنة الدراسية والذي حرقه فاشيو اليمين القتلة، ولا ننسى مئات الأطفال الذين ستبقى مقاعدهم شاغرة في مدارس غزة المتبقية بعد القصف.
لطلابنا اليوم نقول المعذرة لأننا لم ننجح في حماية ” مدير المدرسة ” من إطلاق نار ترديه قتيلاً.. ولكننا لن نستسلم لهذا العنف من أجلكم ومن أجل مستقبلكم.. تذكروا ان العنف هو سلاح الضعفاء أما أنتم فليكن سلاحكم العلم.. لا لثقافة العنف ! كفى للعنف.. فالسلاح يدمرنا..
سنة دراسية موفقة وآمنة!

النائب د. أحمد الطيبي، رئيس الحركة العربية للتغيير

00

0

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة