بَيْتُ الألعَابِ

تاريخ النشر: 31/07/14 | 14:54

شَعَرَ حَسَنٌ بالْجُوعِ الشَّديدِ، مَازَاَل الوقتُ مُبَكِّرًا علَى أذانِ المغربِ، فَقَدِ انْتَهَتْ صلاةُ العصرِ منذُ لحظاتٍ، بدأ يتخيَّلُ ألوانَ الطَّعامِ وَالشَّرابِ، شَعَرَ بالجفافِ في رِيقِهِ، اشْتَدَّ بِهِ العطشُ، نَظَرَ في ساعتِه مرَّةً أخرَى، عَقْرَبُ الثَّواني المتكاسلُ يتحرَّكُ بِبُطْءٍ.
تبسَّمَ لَهُ والدُهُ قائلاً: اصْمُدْ يا حَسَنُ، لقدْ كبرتَ ويجبُ أن تعتادَ على الصَّوْمِ، يجبُ أَنْ تُشْغِلَ نفسَكَ بما يُفِيدُ، ولا تنظرْ لِسَاعَتِكَ كثيرًا.
دَخَلَ حسنٌ حجرتَهُ وكلماتُ وَالِدِهِ تتردَّدُ في رأسِه.. خَلَعَ ساعتَهُ، وألقَاها جانبًا.. نَعَمْ سيشغلُ نفسَهُ بشيءٍ مفيدٍ ولكنْ ما هو هذا الشَّيْءُ؟
تَذَكَّرَ على الفورِ مشروعَهُ الَّذِي لَمْ يكتملْ، أَخْرَجَ ألواحَ الكارتونِ الملوَّنةَ، والصَّمْغَ، والعَجَلاتِ الحمراءَ الَّتي اشتراها، وبدأ يُكملُ صناعةَ بيتِ الألعابِ الَّذِي وَعَدَ أختَهُ بِصناعتِهِ لها منذُ شهورٍ، تمنَّى أنْ ينتهيَ مِنْهُ قبلَ أذانِ المغربِ ستفرحُ أختُهُ كثيرًا، بالفعلِ التَّصميمُ جميلٌ، بَقِيَ أن يُزَيِّنَ البابَ، ويصنعَ الشَّبَابِيكَ.
الوقتُ يَمُرُّ، لم يبقَ سِوَى نصفِ ساعةٍ..! شَعَرَ أنَّ الْوَقْتَ يُطَارِدُهُ، وبيتُ الألعابِ يزدادُ جمالاً، تمنَّى أنْ يُفَاجِئَهَا بِهِ ساعةَ الإفطارِ، شَعَرَ بِالْعَرَقِ يَسِيلُ علَى جبينِهِ، والوقتُ يَضِيقُ، لم يتبقَّ غيُر دقائقَ.. وَضَعَ اللمَساتِ الأخيرةَ مَعَ أذانِ المغربِ..
تبسَّم والدُهُ وهو يَرَى السَّعادةَ في وَجْهِ الصَّغيرةِ عندمَا رَأَتْ بيتَ الألعابِ.
قال حسنٌ: في كُلِّ يومٍ مِنْ رمضانَ سَأُفَكِّرُ في مشروعٍ جديدٍ.
قال الأبُ لحسنٍ: ما أجمَلَ أنْ نستفيدَ مِنَ الوقتِ، ولا نجلسَ في مَلَلٍ ننتظرُ أنْ ينتهيَ. رمضانُ شهرُ العملِ وَلَيْسَ شهرَ الْكَسَلِ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة