الصَّديقان

تاريخ النشر: 01/08/14 | 7:42

جلسَ أسامةُ على أريكتِهِ وجعلَ ينظرُ إلى سَاعتهِ وهُو في حِيرةٍ مِنْ أمرِهِ.. فقالَ وهوَ يَشْعُرُ بالضّيقِ : لماذَا يَا عِصَام .. لقدْ وَعَدْتَنِي بالاتّصَال .. مَا الذي حصَلَ لَكَ ..
وفجأةً .. رنّ جرسُ الهاتفِ فأسرعَ أسامةُ والتقطَ السّماعةَ وهُو يصيحُ : نَعَمْ .. مَنْ ؟.. عصَام .. مَاذَا حَصلَ لكَ ؟ مَاذَا ؟ .. غيرُ معقول .. وهَلْ أصابَكَ مكروهٌ يا عزيزي ؟
أطرقَ أسامةُ قليلاً وهُوَ في حالةِ ذُهُول ثُمّ قال: سَوفَ آتيكَ في الحَال .. رُبعُ ساعةٍ وأكونُ عِندكَ بمشيئةِ الله ..
وفي المُستشفَى كانَ أسامةُ يجلسُ قربَ صديقهِ عصام الذي تمدَّدَ على السَّريرِِِِِ وقدْ لُفَّ رأسُهُ بلفافةٍ طبيَّة، وجعلَ يقولُ له :
– لا تَهتمَّ كثيراً يَا عِصَام .. فسَيَّارتي ومَالي كُلّه فداء لَك .. والمهمُّ أنَّك بخيرٍ ولمْ تُصبْ إلا إصاباتٍ طفيفةٍ ستشفى منهَا قريباً بإذنِ الله .. رغمَ أنَّ الحادثَ كانَ مُروِّعاً ..
شعرَ عصامٌ بالحرجِ لهذَا الكرمِ مِنْ صديقهِ ، فقالَ بصوتٍ ضعيفٍ :
– أنا آسفٌ يا صَديقيَ العزيز، فلمْ أكُنْ أتوقَّعُ أنْ يحصلَ لي هَذَا الحادثُ المروِّع، فقدْ فُوجِئتُ بالشَّاحِنةِ تَفْقدُ تَوازُنَهَا وتتَّجهُ نحوِي .. وشاءَ الله أنْ تَتحطَّمَ سيارَتُك وأنْجُو .. وتمنيْتُ أنِّي مُتّ ولمْ تُصَبْ سيارتُك ..
سمعَ أسامةُ هذهِ الكلماتِ فنهضَ وهُو يقول : مَاذَا تقُول ؟ هَلْ جُنِنْتَ يا عِصَام .. سَيَّاراتُ الدُّنيَا كلُّهَا لا تُساوِي حياتَك يا أخي .. فأنتَ أغْلى مِنْ كُلِّ المالِ بالنِّسبةِ لِي .. ويكفِينِي أنَّ الله عزَّ وجلَّ أبْقَى لي الصَّديقَ الوفِيَّ الحميمَ فلمْ أفقدُه .. فهذهِ عِندِي نعمةٌ عُظمى ..
أحسَّ عِصامٌ بصدقِ العَاطفةِ لدى صديقهِ أسامة، وشعرَ بأنَّهُ يملكُ ثروةً لا تُقدَّرُ بثَمنٍ، فقال :
– جزاك الله مِنْ صديقٍ طيِّبٍ خيراً، فأنتَ نِعْمَ الأخُ يَا أُسَامة..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة