البستان الأزرق

تاريخ النشر: 26/07/14 | 13:57

كانتْ سمكةٌ صغيرةٌ، تعيشُ في نهرٍ جميل

النهرُ الكريمُ، غذّاها بطعامِهِ، وربّاها بحنانِهِ، حتى صارتْ كبيرة‏

السمكةُ لم تفارقِ النهرَ، ولم تعرفْ وطناً غيرَهُ. في مياهِهِ تسبح

وعلى أمواجِهِ ترقص، وفي أعماقه تغوص

النهرُ يحضنها بين ضفتيهِ، كأنَّهُ أُمٌّ رؤوم‏

عاشتِ السمكةُ، هانئةً سعيدة

ذاتَ يوم.. قالت لها الضفدعة: صديقتي السمكة
ماذا تريدين

هل شاهدْتِ الأزهار؟‏ لا‏

هل تعرفينَ الأشجار؟‏ لا

اصعدي إلى الشاطئ

لماذا؟‏سأُريكِ أشياءَ جميلة

أين؟‏ في البستان‏

قالت السمكة:‏ أيكونُ البستانُ أجملَ من النهر

نعم‏

أنا لم أرَ أجملَ من النهر

وهل خرجْتِ منه مرَّةً؟‏ لا‏

اخرجي، وشاهدي بعينيكِ‏

قفزَتِ السمكةُ إلى الشاطئ‏

وحينما صارتْ على الرمال، شعرَتْ باختناقٍ شديد..‏

أخذَتْ تتلوَّى، وتتقلَّب‏

جمعَتْ قواها، وزلقَتْ إلى الماء.. وعندما احتضنها النهر

عادت إليها أنفاسُها

وآبَ إليها نشاطها، فبدأَتْ تغوصُ، وتقفزُ، فرحةً آمنة

صاحتِ الضفدعةُ:‏ لماذا رجعْتِ أيَّتُها السمكة

النهرُ وطني، ولن أتركه

اتركيه قليلاً، ثم تعودين إليه

لن أفعل

لماذا؟‏ إذا تركْتُهُ فسوف أموت لن تموتي‏

وما يدريكِ؟‏قالت الضفدعة:‏ أنا أعيشُ تارةً في الماء

وتارةً في البستان‏

قالتِ السمكةُ:‏ أنا ليس لي إلاّ وطنٌ واحد

انصرفَتِ الضفدعةُ يائسةً‏ وانطلقتِ السمكةُ، داخلَ النهرِ

ترقصُ وتغنِّي:‏ يا نهري يا وطني الغالي‏

يا أحلى كلِّ الأوطانِ‏ لا أبغي غيرَكَ لي وطناً‏

فالموجُ الأزرقُ بستاني‏

3

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة