شعائر خطبة وصلاة الجمعة من كفرقرع بعنوان ‘‘إنحباس الأمطار‘‘

تاريخ النشر: 20/11/10 | 12:10

بحضور حشد غفير من أهالي كفرقرع والمنطقة، أقيمت شعائر خُطبة وصلاة الجمعة، من مسجد عُمر بن الخطاب في كفرقرع، حيث كان خطيب هذا اليوم فضيلة الشيخ أ.عبد الكريم مصري “أبو أحمد”، رئيس الحركة الإسلامية في كفرقرع، وكان موضوع الخطبة لهذا اليوم المبارك، ‘‘إنحباس الأمطار‘‘،هذا وأم في جموع المصلين، فضيلة الشيخ صابر زرعيني “أبو الحسن”، إمام مسجد عمر بن الخطاب.

ومما جاء في خطبة الشيخ لهذا اليوم المبارك:” الحمد لله نحمده، ونستعين به، ونسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً بربوبيته، وإرغاماً لمن جحد به وكفر، وخضع كل شيء لهيبته، وإستسلم كل شيء لقدرته، وتصاغر كل شيء لكبريائه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له غنى كل فقير، وعز كل ذليل ، وقوة كل ضعيف، ومفزع كل ملهوف، فكيف نفتقر في غناك، وكيف نضل في هداك ، وكيف نذل في عزك، وكيف نضام في سلطانك، وكيف نخشى غيرك، والأمر كله إليك.

وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله أرسلته رحمة للعالمين بشيراً ونذيراً، أرسلته ليخرجنا من الظلمات إلى النور، من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن ذل الشرك إلى عز التوحيد، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آل محمد، وعلى أصحاب محمد، وعلى ذرية محمد وسلم تسليماً كثيراً.

وأردف الشيخ قائلاً:” أما بعد: أيها الناس، إتقوا الله تعالى، واحذروا عقابه، وحاسبوا أنفسكم، وتوبوا من ذنوبكم، فإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.

عباد الله، إننا في هذا العام نشكو من امتناع المطر الذي به حياتنا وحياة مواشينا وزروعنا وأشجارنا، فتذكروا أنه ما حبس عنا إلا بذنوبنا، وأن الله غني كريم، قال تعالى: ((وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ)) .تأخر نزول الأمطار خطرا على العباد والبلاد والبهائم والإقتصاد، وقد أمر الله عند إنحباس المطر بالاستغفار من الذنوب التي هي السبب في منعه، فقال تعالى على لسان نوح عليه السلام: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا ، وقال تعالى على لسان هود: ((وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ)).

وقد شرع لنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم صلاة الإستسقاء عند إنحباس المطر؛ ليرجع الناس إلى ربهم ويتوبوا إليه.”.

وتابع الشيخ:” وليس الإستغفار مجرد لفظ يردد على اللسان، وليست صلاة الاستسقاء مجرد عادة تفعل في الأوطان، وإنما هي توبة وندم وعبادة وخضوع لرب العالمين وتحول من حالة فساد إلى حالة صلاح، فلا بد أن تكون حال المسلمين بعد صلاة الإستسقاء أحسن من حالهم قبلها إذا كانوا صادقين في توبتهم ومعترفين بذنوبهم.

لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه في دعاء الإستسقاء فلا يحطهما إلا وقد نشأ السحاب وسالت الأودية والشعاب؛ لأنه صادق مع ربه، وكذلك خلفاؤه الراشدون وصحابته الأكرمون، كانوا يستسقون فيسقون، ويسألون فيعطون؛ لصدقهم مع الله في توبتهم ورغبتهم إلى الله في دعائهم.

إستسقى النبي صلى الله عليه وسلم في بعض غزواته لما سبقه المشركون إلى الماء، فأصاب المسلمين العطش، فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال بعض المنافقين: لو كان نبيًا لاستسقى لقومه كما إستسقى موسى لقومه، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((أوَقد قالوها؟ عسى ربكم أن يسقيكم))، ثم بسط يديه ودعا، فما رد يديه من دعائه حتى أظلهم السحاب، وأمطروا فأنعم السيل الوادي، فشرب الناس وارتووا.”.

وأضاف الشيخ أيضاً:” ولما شكا المسلمون في المدينة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قحط المطر خرج فصلى بهم، ثم دعا الله تعالى، فأنشأ الله سحابة، فرعدت وبرقت، ثم أمطرت بإذن الله تعالى، فلم يأتِ مسجده حتى سالت السيول، فلما رأى سرعتهم إلى الكن ضحك حتى بدت نواجذه، فقال: ((أشهد أن الله على كل شيء قدير، وأني عبد الله ورسوله)).

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلاً دخل المسجد يوم الجمعة من باب كان نحو دار القضاء ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب، فإستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائمًا ثم قال: يا رسول الله، هلكت الأموال، وإنقطعت السبل، فادعُ الله يغيثنا، قال: فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال: ((اللهم أغثنا)) ثلاث مرات، قال أنس: فلا والله، ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة، قال: فطلعت من ورائه سحابة ، فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت، قال: فلا والله، ما رأينا الشمس سبتًا ـ أي: أسبوعًا، قال: ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فقال: يا رسول الله، هلكت الأموال، وانقطعت السبل، فادع الله يمسكها عنا، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال: ((اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر))، فأقلعت وخرجنا نمشي في الشمس.”.

وقال الشيخ أيضاً:” فقد إستجاب الله دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحال بالإستسقاء والإستصحاء، كذلك هو سبحانه قريب مجيب يستجيب لعباده إذا دعوه صادقين مخلصين له الدين، قال تعالى: ((وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)) .

أما إذا دعوه بألسنة كاذبة وقلوب غافلة وأفعال فاسدة وهم مصرون على الذنوب والمعاصي لا يغيرون من أحوالهم شيئًا فهؤلاء لا يستجاب لهم دعاء، قال بعض السلف: “أنتم تستبطئون نزول الغيث، وأنا أستبطئ نزول الحجارة من السماء”؛ ولذلك ترون الناس اليوم يستغيثون ويستغيثون ولا يستجاب لهم، لا لقلة في خزائن الله، ولكن لذنوبهم ومعاصيهم، أما ترون الصلاة قد أضِيعت؟! أما ترون المحرمات قد انتهكت؟! أما ترون جانب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد خف؟! أما ترون الأمانات قد ضيعت؟! أما ترون المعاملات قد فسدت؟! أما ترون الربا قد فشا وإنتشر؟! أما ترون المعازف قد علت أصواتها في البيوت والأسواق والأعراس؟! أما ترون الغيرة قد ذهبت؟! أما ترون أن الآباء قد أهملوا أولادهم والأولاد قد عقوا آباءهم؟! هل غيرنا من هذه الأمور شيئًا قبل أن نستسقي حتى يغير الله ما بنا؟!.”.

وأردف الشيخ قائلاً:” لا نقول: إن هذه الأوصاف السيئة عمت جميع المسلمين، فهناك من عباد الله الصالحين من هم سالمون منها في أنفسهم، لكنهم لا يحاولون إصلاح غيرهم، ولا يقومون بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حسب إستطاعتهم، والعقوبة إذا نزلت عمت الجميع، عمت العاصين لمعصيتهم، والصالحين لسكوتهم، قال تعالى: ((وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)) .

عن أبي الأحوص قال قرأ ابن مسعود: ((وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا))؛ فقال: (كاد الجُعَل يعذَّب في حجره بذنب ابن آدم) رواه الحاكم. وجاء في تفسير قوله تعالى: ((وَيَلْعَنُهُمُ اللاَعِنُونَ)) أن الحشرات تلعن عصاة بني آدم وتقول: إننا منعنا القطر بمسيئهم. وقال تعالى:((وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَونَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّن الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ))، أي: أصابهم الله بالجدب والقحط، وأصاب ثمارهم وغلاتهم بالآفات والعاهات؛ ليتعظوا بذلك ويتوبوا..”.

وتابع الشيخ حديثه بالقول:” وها هي سنة الله لا تتبدل في عالمنا المعاصر، فكم أصابهم من احتباس الأمطار واجتياح الثمار والأمراض والمجاعات، فهل غيروا من حالهم وأصلحوا ما فسد من أعمالهم؟! هل تذكروا ذنوبهم فأصلحوا عيوبهم؟! إن الكثير والكثير في غفلة معرضون، ونخشى أن يصيبنا ما أصاب الأولين.

عباد الله، إن في تصريف الأمطار بإنزالها في بعض الأقطار وحبسها عن بعض الديار لعبرة لأولي الأبصار وعظة للعصاة والفجار، قال تعالى: ((وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَ كُفُورًا)) ..”.

ووجه الشيخ نداءً للمسلمين كافة، قائلاً فيه:” أمة الإسلام: في منع الزكاة ضرر يتعدى الأفراد، ليصل لكافة البلاد والعباد، هلاك يلحق ببني الإنسان، ودمار يقضي على النبات والحيوان، تمنع السماء قطرها، وتمسك الأرض نباتها ، تضعف الأمطار، ويقل الخير المدرار، وتجف الآبار، وتموت الأشجار، قال صلى الله عليه وسلم:” ما منع قوم الزكاة إلا حبس الله عنهم القطر”، وفي رواية:” إلا إبتلاهم الله بالسنين أي الجدب والقحط” [أخرجه الطبراني وحسنه الألباني ] وإن القادر على منع نزول الأمطار قادر على تغوير المياه من الآبار، قال تعالى مخوفًا عباده من ذلك: ((قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا))، وقال: ((أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا))، وقال: ((وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ))؛ أي: لا تقدرون على حفظه في الآبار والغدائر والعيون، بل نحن الحافظون له فيها؛ ليكون ذخيرة لكم عند الحاجة إليه، وقال تعالى: ((وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ))، أي: كما قدرنا على إنزاله فنحن القادرون على سحبه من مخازنه في الأرض وتغويره في أعماقها، فلا تستطيعون الحصول عليه مهما بذلتم في طلبه والبحث عنه حتى يهلك الناس بالعطش وتهلك مواشيهم وحروثهم..”.

وأضاف الشيخ:” فاتقوا الله عباد الله، واحذروا من هذه التهديدات، وتوبوا إلى ربكم، وادعوه أن يغيثكم ويسقيكم، فإنه قريب مجيب، يجيب من دعاه، ولا يخيّب من رجاه، وإياكم وقسوة القلوب عند نزول المصائب، فإنها سبب الهلاك والدمار، ((وَلَقَدْ أَرْسَلنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ))..”.

وتابع الشيخ:” أيها المؤمنون إن من أسباب نزول الغيث والرحمة الإحسان إلى الخلق قال تعالى: قال صلى الله عليه وسلم: ((إنما يرحم الله من عباده الرحماء)) فأحسنوا أيها المؤمنون على فقرائكم وأهل الحاجة منهم فإن الجزاء من جنس العمل هل جزاء الإحسان إلا الإحسان وعن أبي هريرة قال: قال صلى الله عليه وسلم: ((بينما رجل يمشي بفلاة من الأرض فسمع صوتاً في سحابة اسق حديقة فلان فتنحى ذلك السحاب فأفرغ ماءه كله حيث أمر فلما سئل صاحب الحديقة عن عمله قال: أتصدق بثلث ما يخرج منها وآكل أنا وعيالي ثلثاً وأرد فيها ثلثاً)) رواه مسلم والصدقة تطفئ غضب الرحمن فأحسنوا عباد الله إن الله يحب المحسنين..”.

وقال الشيخ:” إن إنزال المطر ليس بالتأكيد أن يكون دليل رضاً من الله عن خلقه، فها هي دول الكفر والضلال ينزل عليها المطر صباح مساء وعلى مدار العام، فالمطر قد ينزل إنعاماً، وقد ينزل استدراجاً، وقد يكون رحمة، وقد يكون عذاباً.

لقد أهلك الله بهذا المطر أقواماً تمردوا على شرعه، وتنكروا لهديه، قال سبحانه:((كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ * فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ * فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ * وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ * تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ * وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ * فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ * وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ))؛ وقال تعالى:((وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ))..”.

فإذا أجدبت الأرض، وإحتبس المطر شرعت صلاة الاستسقاء، ويخرج لها المسلمون في العراء متبذلين، خاشعين، متذللين، متضرعين، متواضعين، رجالاً ونساءً وصبياناً، ويحدد لهم الإمام يوماً يخرجون فيه لصلاة الإستسقاء.”.

أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم..”.

ومما جاء في خطبة الشيخ الثانية:” الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، صاحب الخلق العظيم ، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى صحابته الغر الميامين، أمناء دعوته، وقادة ألويته، وإرضَ عنا وعنهم يا رب العالمين أما بعد؛ أيها الإخوة الموحدون: يوم إنقطع المطر عن بنى إسرائيل في عهد نبي الله موسى، يوم أن عم الجدب، وعظم الخطب، واشتكى القوم العطش، وأوشك الهلاك أن يبتلع القوم إبتلاعا. فشكوا إلى سيدنا موسى، الذي رفع يديه إلى السماء طالبا من الله تفريج الكربة عن أمته.

وأردف الشيخ قائلاً:” تضرع سيدنا موسى ودعا ربه – كما يدعو الصالحون في أمتنا اليوم- ولكن الله لم يستجب.. فتعجب النبي الكريم وقال:” يا رب عودتني الإجابة. فقال تعالى:” يا موسى إن فيكم رجلا يبارزني بالمعاصي أربعين عاما.. فليخرج حتى أغيثكم.فبشؤم معصية هذا الفرد منعت الأمة المطر من السماء، وبسبب مبارزة هذا الفرد لله بالمعاصي حل الكرب بالأمة.”.

وبسبب هذا الفرد أشرفت الأمة على الهلاك. وفي مثل هذه الحالات لا ينفع للصالحين دعاء، ولا للأنبياء تضرعا.هذا الفرد إن وجد في الأمة – أي أمة -، فلابد وأن تحل بها الغمة تلو الغمة.

إلتفت سيدنا موسى إلى قومه قائلا: يـا قــوم.. إن فيكم رجلا يبارز الله بالمعاصي.. أربعين عــاما، ولن تمطر السماء حتى يخرج هذا العاصي من بيننا.

لن تكشف الغمة عن الأمة حتى يخرج هذا العاصي ويتوب ويؤوب إلى الله كان الرجل وسط القوم يعرف نفسه، ويعرف تقصيره في حق الله. ويعرف مدى مبارزته لله بالمعاصي. كان يعرف مدى جحوده في حق الله. غير أنه لم ينتظر خروج غيره. ولم يقل لست أنا المعني، ولم يقل ما أكثر المذنبين في الأم، ولم يقل لست أنا المقصود. بل كان لديه رصيد عجيب من ثقافة “أنا”. وشجاعة نادرة منطلقها “أنا”.

وتابع الشيخ حديثه بالقول:” جلس الرجل بينه وبين نفسه يتضرع ويناجي ربه مستشعراً المسؤولية، ومقدرا خطورة الأمر وهو يقول: يا رب”أنا” “أنا” من عصيتك أربعين عـامـا، يا رب “أنا” من بارزتك بالمعاصي والجحود، يا رب “أنا” من بارزتك بالجحود والنكران، يا رب “أنا” من بارزتك بالتقصير والبعد، يا رب “أنا” لو خرجت افتضح أمري بين قومي، ولو بقيت بينهم أهلكهم العطش، يا رب:”أنا” تبت الآن عن الذنوب والمعاصي، يا رب: “أنا” تبت إليك توبة صادقة مخلصة، فاسترني يا رب. وفرج عنا ما نحن فيه. اللهم فرج ما نحن فيه، اللهم فرج ما نحن فيه، اللهم فرج ما نحن فيه.

وما هي إلا لحظات حتى نزل المطر، وتجدد الأمل، وتبدد الخوف، وزالت الغمة. فسأل موسى عليه السلام ربه.. يا رب جاء الفرج، لم يخرج أحد. فيأتي الجواب من رب الأرباب وعلام الغيوم يا موسى لقد تاب وتبت عليه.. منعت عنكم الغيث بسببه، وأمطرتكم بسببه.

وإختتم الشيخ خطبته بالقول:” ويسأل موسى عليه السلام ربه “:ربي أرني أنظر إليه.. ربي أرني ذلك الرجل.. ذلك التائب الذي أمطرتنا بسببه.. ويأتي الجواب من الحليم الرحمن الرحيم:” يا موسى.. لقد سترته وهو يعصيني؛ أفلا أستره وقد تــاب وعـــاد إلي؟! من منّا لم يذنب؟؟ من منّا لم يبارز ربه بالمعاصي؟؟ لعل كل واحد منّا يقول أنا السبب؟؟ أنا الذى منع عن هذه الأمة من المطر بذنوبي؟؟ رباااه إغفري لي رباااه إرحمني… وإغفر غدرتي لنسارع كلنا للإستغفار رغبةً بالأمطار.”. أكثروا ـ عبادَ الله ـ من الصلاة والسلام على النبيّ المختار صلى الله عليه وسلم…”.

‫4 تعليقات

  1. بوركت شيخنا الفاضل فتح الله عليك 🙂
    ” اللهم أغثنا ، اللهم أغثنا ، اللهم أغثنا ”
    ” اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً مريئاً نافعاً غير ضار ، عاجلاً غير آجل “

  2. بارك الله بك ابا احمد ما شاء الله دائما مبدع ! وانا معك اختي وصديقتي القرعاوية ابنة القلم ويا ليت الجميع يرددون هذا الدعاء العظيم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة