تصور مستقبلي في الجرف الحالي!

تاريخ النشر: 13/07/14 | 21:21

لا شك ان الغضب والالم الشديدين لا يزالان وسيبقيان حال المشهد العربي في الداخل لفترة طويلة، ان كان السبب جريمة القتل البشعة للفتى احمد ابو خضير او الحرب الجديدة القديمة على غزة والتي تشنها اسرائيل في كل مرة تحت ذرائع عدة.
ومن تجارب الماضي غير البعيد ان هذا الغضب “يستثمر” في بعض الاحيان من قبل الاحزاب والقيادات لاهداف انتهازية قصيرة الامد، كمثل ان يتصدر البعض مظاهرات ووقفات احتجاجية، او ان يصدروا بيانات مفخمة بعبارات المواجهة من العيار الثقيل، ما تلبث امواج الزمان ان تمسحها من شاطئ التاريخ والذاكرة.
بل ان هنالك من يعتقد ان الكيل طفح ويجب ان يسلك الشباب طريقا مغايرا جديدا يتمثل في مواجهة مفتوحة مع الدولة بل حتى اعلان انتفاضة ثالثة!
الكثيرون، بمن فيهم كاتب السطور، يعتقدون ان المسلك المذكور محفوف بالمخاطر، بل ان نتائجه قد تكون كارثية على المجتمع العربي واداة طيعة بايدي اليمين الفاشي، لزيادة “شيطنتنا” والاعتداء على حقوقنا اكثر فاكثر.
ولكن هل يمكن فعلا ترشيد هذا الغضب والمواجهة مع الدولة لمكتسبات وطنية حقيقية، عوضا عن بعض السباب على اجهزة الدولة وعلى بعضنا البعض، بالاضافة الى تسونامي التخوين و”جرف” الضحالة “الصامد”؟!
بعد انتفاضة الاقصى عام 2000 كانت محاولات جادة لصياغة العلاقة بيننا كمواطنين فلسطينيين في الداخل وبين الدولة، وسميت بالتصورات المستقبلية، والتي عكف عليها اكاديميون وسياسيون ونشطاء من القطاع الاهلي..
الا ان هذه الوثائق ضلت حبرا على نسيان ولم تتكشف للعموم ولم تبحث وتناقش من قبل الاغلبية بل ولم يتم ذلك من قبل الاغلبية “النخبوية” التي انبثقت عنها هذه التصورات!
واليوم ونحن على اعتاب تسلم جيل شاب مفاتيح القيادة السياسية من الجيل الحالي الذي اقترب او تخطى الستين، حري بهؤلاء الشباب ان يتسلموا هذا الارث وان ينطلقوا منه!
ان نقاش هذه التصورات داخل الاحزاب والفعاليات السياسية والحزبية، بل وحتى داخل تشكيلات جديدة، يجب ان تكون مهمة الساعة، وبالذات في هذا الوقت، لكي نتجنب السير خبط عشواء في مواجهات سليمة او عنفية مستقبلية مع الدولة باجهزتها!
لا يمكن الاستمرار بدون رؤيا وخارطة مصالح، حددت عليها اهداف تنبثق من قدراتنا الكمية والكيفية، وهي تحدد شكل النضالات وكلفتها ومحيطها المكاني والزماني، بعيدة عن الخطابات الغوغائية والعصابية والشعرية المفرطة!
ان احدى اهم نقاط القوة في سيرورة كتلك هي اننا اذا ما قررنا المضي الى “جهنم”، على سبيل المثال، فسنمضي واثقين باننا فحصنا جميع الامكانيات، بدلا ان تقودنا فئة قليلة ونحن معصوبوا اللسان تحت القصف الصاروخي للبيان والتبيين!

برنارد طنوس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة