شعائر خطبة الجمعة من كفرقرع بعنوان ‘‘رحلة الحج‘‘

تاريخ النشر: 31/10/10 | 1:56
بحضور حشد غفير من أهالي كفرقرع والمنطقة، أقيمت شعائر خُطبة وصلاة الجمعة، من مسجد عُمر بن الخطاب في كفرقرع، حيث كان خطيب هذا اليوم فضيلة الشيخ أ.عبد الكريم مصري “أبو أحمد”، رئيس الحركة الإسلامية في كفرقرع، وكان موضوع الخطبة لهذا اليوم المبارك، ‘‘رحلة الحج‘‘،هذا وأم في جموع المصلين، فضيلة الشيخ صابر زرعيني “أبو الحسن”، إمام مسجد عمر بن الخطاب.

ومما جاء في خطبة الشيخ لهذا اليوم المبارك:” الحمد لله نحمده، ونستعين به، ونسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً بربوبيته، وإرغاماً لمن جحد به وكفر، وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله ، سيد الخلق والبشر، ما إتصلت عين بنظر، أو سمعت أذن بخبر، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين أمناء دعوته وقادة ألويته وإرضَ عنا وعنهم يا رب العالمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم، إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.”.
وأردف الشيخ قائلاً:” قال تعالى: ((وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا))، الحج تلبيه لنداء الله لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك.
أما بعد: الحج كما تعلمون هو الفريضة البدنية المالية الشعائرية، وهي في حقيقتها ظاهرها أن تسافر إلى بيت الله الحرام، وأن تطوف وتسعى، وأن تقف في عرفات ، لكن حقيقتها رحلة قلوب لا رحلة أبدان، رحلة نفوس لا رحلة أشباح، لأن الله سبحانه وتعالى يقول : ((رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنْ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنْ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُون))، الصلاة من أجل أن تتصل بالله، والصيام من أجل أن تتصل بالله، والزكاة من أجل أن تتصل بالله، والحج من أجل أن تتصل بالله، لكن الصلوات الخمس يومياً، وخطبة الجمعة أسبوعياً، ورمضان من عام إلى عام، أما عبادة العمر هي رحلة الحج.”.
وتابع الشيخ قائلاً:” النبي عليه الصلاة والسلام يقول :((أنا دعوة أبي إبراهيم)) . ((رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ))،((وبشارة أخي عيسي))، ((وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ))،((ورأت أمي حين حملتني أنه خرج منها نور أضاءت له قصور بصرى)) .
مناسك الحج من شعائر الله، قال تعالى: ((وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ))؛ قال بعض العلماء: أداء الشعيرة شيء وتعظيمها شيء آخر: من تعظيمها أن يؤديها الحاج كما فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، من تعظيمها أن تؤديها على شوق وطيب نفس، من تعظيمها ألا تتأفف وألا تتململ منها، من تعظيمها أن يؤديها الحاج وأن يتمنى أن يؤديها كل عام .
يعود نقي القلب، صافي النفس، تلك هي الغاية الكبرى من الحج، أرقى عبادة كأنها مستوى جامعي كبير.”.
وأضاف الشيخ أيضاً:” أيها الأخوة الكرام، يقول ربنا جلّ جلاله: ((جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ))، تقوم حياتهم، يقوم إيمانهم، تقوم مبادئهم، تقوم قيمهم: ((جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ))؛ دقق الآن: ((اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ))، ((لِتَعْلَمُوا))، علة خلق السماوات والأرض أن تعلم أي أن تعرف الله: ((لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً))، أنت حينما تعلم أن الله يعلم وسيحاسب وسيعاقب تستقيم على أمره، بالضبط حينما توقن أن الله يعلم، وسيحاسب، وسيعاقب، لا يمكن أن تعصيه، أنت لا تعصي إنساناً من بني جلدتك هو أقوى منك، وعلمه يطولك، وقدرته تطولك، مستحيل، أبسط مثل تقف على الإشارة الحمراء والشرطي واقف، شرطي آخر على دراجة، ضابط مرور في السيارة، وأنت مواطن عادي، هل يمكن أن تتجاوز الإشارة ؟ لأنك موقن أشد اليقين أن علم واضع القانون يطولك من خلال هذا الشرطي، وأن قدرته على سحب الرخصة وإيقاع أشد العقوبات تطولك، بحسب فطرتك، أنت حينما توقن أن علم الله يطولك، وأن قدرته تطولك، تستقيم على أمره، وهذا الحج: ((لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ)).”.
وقال الشيخ أيضاً:” من أجل ألا تتحرك بعد أن تأتي من الحج إلا وأنت موقن أن هذه الحركة يعلمها الله، هل عندك جواب لله لما غضبت؟ لما رضيت؟ لما وصلت؟ لما قطعت؟ لما سالمت؟ لما عاديت؟ لما طلقت؟((يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)).”.
وأردف الشيخ قائلاً:” أيها الأخوة الكرام، من أدق ما قاله المفسرون: إن المسلم بحجِ بيت الله الحرام، وتعظيمِ شعائر الله، وعقدِ العزم على طاعة الله، واتباعِ سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، تقوم وتتحقق مصالحه في الدنيا والآخرة، وعندئذ تتوقف المعالجة الإلهية لقوله تعالى:((مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ))، فإذا آمنت وشكرت حققت الهدف من وجودك.
يخلع الحاج ملابسة المَخيطة والمُحيطة، ولا يعرف الإنسان قيمة هذه الثياب المخيطة والمحيطة إلا إذا ارتدى ثياب الإحرام ، والتي تعبر بشكل أو بآخر عن دنياه، عن حجمه المالي، عن مرتبته الاجتماعية، عن مرتبته الوظيفية، بل عن درجته العلمية، والدينية، هذه الملابس جزء من دنيا الإنسان أمرك الله أن تخلعها وكأنك بهذا خلعت الدنيا كلها، فيستوي في الطواف وفي السعي وفي عرفات أغنى الأغنياء وأفقر الفقراء، يستوي أقوى الأقوياء وأضعف الضعفاء.”.
وتابع الشيخ:” أيها الأخوة؛ هذه الملابس المَخيطة والمحيطة، تعبر عن نوع انتمائه إلى أمةٍ، إلى شعبٍ، إلى قبيلةٍ، إلى عشيرةٍ، فلو بقي المسلم بلباسه لبقي ملتصقاً بدنياه، أو بقبيلته، أو بطبقته، أو بمَنْ على شاكلته، ولكن الإسلام لحكمةٍ كبيرة شرع اللون الواحد، ثياب ليست مَخيطة ولا محيطة والتصميم واحد، حتى تختفي الهوية الشخصية، ويبدو البشر كياناً واحداً، بعدما ذابت الفروق الطبقية، والهويات الإقليمية، والإنتماءات المتعددة، ليبرز هذا اللباس لوناً واحداً هو الإنسان على فطرته السليمة في مواجهة خالقه الواحد الديان .
وبعد أن يخلع الحاج ثيابه المَخيطة والمحيطة، ويرتدي الإحرام الموحد، يدخل في أفق الممنوعات، ففي باطنه ممنوع أن يفكر في شيء يؤذي الحرم، تفكير، ممنوع أن يفكر في شيء يؤذي الحرم، ومع الناس، فلا رفث، ولا فسوق، ولا جدال في الحج، ومع الحيوان، فلا يُصطاد، ولا يقتل، ومع النبات فلا يقطع، ولا يشوه، ومع الحجر فلا يكسر، ولا يقتلع، هذه الممنوعات التي هي من لوازم الإحرام، ليكون الحج سلاماً دائماً إلى كل الخلائق.”.
أيها الأخوة، الحاج المحرم يُحظَر عليه لُبسُ المخيط من الثياب، ويُحظر عليه التطيُّبُ بكل أنواع الطيب، ويُحظر عليه الحلقُ والتقصيرُ، ويُحظر عليه مقاربةُ المُتَعِ التي أُبيحت له خارجَ الحج، كلُّ ذلك ليُحْكِمَ اتصالَه بالله، لذلك حكمة الحج: ((لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ))، بعيداً عن كل مداخلة من متع الأرض، ليتحقَّق الحاجُّ أنه إذا وصل إلى الله وصل إلى كلِّ شيء، هذه السكينة التي يقذفها الله في قلب المؤمن يسعد بها ولو فقد كل شيء، سعد بها إبراهيم وهو في النار، وسعد بها يونس وهو في بطن الحوت، وسعد بها النبي عليه الصلاة والسلام وهو في الغار، وسعد بها أصحاب الكهف وهم في الكهف، تسعد بها ولو فقدت كل شيء وتشقى بفقدها ولو ملكت كل شيء، الإنسان إذا وصل إلى الله وصل إلى كل شيء: ((ابن آدم اطلبني تجدني فإذا وجدتني وجدت كل شيء، وإن فتك فاتك كل شيء، وأنا أحب إليك من كل شيء)) .
لذلك الحاج وقد امتلأ قلبه سعادة ورضاً وصلة بالله عز وجل لسان حاله يقول: يا رب، ماذا فَقَدَ مَن وجدك؟ وماذا وَجَدَ مَن فَقَدَكَ ؟.. إذا كان الله معك فمن عليك؟ وإذا كان عليك فمن معك؟.”.
وأضاف الشيخ قائلاً:” لذلك سيدنا عمر يقول: تفقهوا قبل أن تحجوا. فالعبادة في حقيقتها تعني خروج العبد من مراده إلى مراد ربه.
أيها الأخوة، أما عرفة، يوم عرفة من الأيام الفضلى، تجاب فيه الدعوات، وتقال العثرات، ويباهي الله فيه الملائكة بأهل عرفات، وهو يوم عظَّم الله أمره، ورفع على الأيام قدره، وهو يوم فيه إكمال الدين، وإتمام النعمة، ويوم مغفرة الذنوب، ويوم العتق من النار، إنه يوم اللقاء الأكبر بين العبد المنيب المشتاق وبين ربه الرحيم التواب، بين هذا الإنسان الحادث الفاني المحدود الصغير وبين الخالق المطلق الأزلي الباقي الكبير، فيوم عرفة يوم المعرفة، ويوم عرفة يوم المغفرة، ويوم عرفة يوم تتنزل فيه الرحمات على العباد، من خـالق الأرض والسماوات، وقد قيل: من وقف في عرفات ولم يغلب عـلى ظنه أن الله غفر له فلا حج له.”.
وقال الشيخ أيضاً:” من كمال العطاء أن يغفر الله لك، وأن يلقي في روعك أنه قبلك، أظن جازماً أنه من وقف في عرفات مخلصاً ألقى الله في روعه أنه قد غفر الله وعاد كيوم ولدته أمه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من أيام عند الله أفضل من عشر ذي الحجة، فقال رجل: هــن أفضل أم من عدتهن جهاداً في سبيل الله؟ قال: هن أفضل من عدتهــن جهاداً في سبيل الله، وما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة، ينـزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا، فيباهي بأهل الأرض أهل السماء، يقول انظروا عبادي جاؤوني شعثاً غبراً ضاحين، جاؤوني من كل فج عميق، يرجون رحمتي ولم يروا عذابي، فلم يُر يوم أكثر عتيقاً من النار من يوم عرفة)) .
أيها الأخوة، النبي عليه الصلاة والسلام في يوم عرفة قبل أن تغيب الشمس يقول: ((يا بلال، أَنصِت لي الناس، فقام بلال فقال: أنصتوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنصت الناس، فقـال عليه الصلاة والسلام: معشر الناس أتاني جبريل آنفاً فأقرأني من ربـي السلام، وقال: إن الله عز وجل غفر لأهل عرفات، وأهل المشعر الحرام، وضمن عنهم التبعات، فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: يا رسول الله هذه لنا خاصة، قال: هذه لكم، ولمن أتى من بعدكم إلى يوم القيامة، فقال عمر رضي الله عنه: كثر خير الله وفاض)).”.
وتابع الشيخ حديثه بالقول:” أيها الأخوة الكرام: إنها الرحلة قبل الأخيرة من أجل أن نستعد للرحلة الأخيرة، الناس جميعاً بلباس موحد، وبدعاء موحد ، وبابتهال موحد، كلهم ضعاف، كلهم فرادى، نموذج مصغَّر للرحلة الأخيرة لقد كان الحج الرحلة قبل الأخيرة استعداداً للرحلة الأخيرة.
أيها الأخوة الكرام، وفي رمي الجمرات بعض الأسرار ؛ فلنبدأ بالجمرة الكبرى قال بعض العلماء: هذا تكثيف وحشد في لغة العسكريين، ابدأ بمواجهة الأكبر، وكان عليه الصلاة والسلام يخص الجمرتين الأولى والوسطى بتطويل الوقوف عندها للدعاء، إنها ثلاث جمرات، وبينهما مسافة ، ليظل المؤمن واعياً تماماً، لا ينام حتى لا يسقط سلاحه، بينما العدو منه على مرمى حجر، وعليه أن يعلم أن المعركة مع الشيطان متعددة المواقع، ومستمرة، وممتدة مع عمره، لذلك ينبغي أن تُرمى ثلاث جمرات في ثلاثة أيام، فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه.
يقول الإمام الغزالي رحمه الله تعالى وهذه أخطر كلمة: لا يحصل إرغام أنف الشيطان في أثناء رجمه إلا بطاعتك للرحمن، فإذا عاد وعصى ربه هل تصدقون من الذي رجم الآخر؟ إبليس هو الذي رجم الإنسان، لا يرغم أنفه إلا بطاعة الرحمن، ومن عاد بعد الحج إلى ما كان عليه من المعاصي والآثام فليعلم علم اليقين أن الشيطان هو الذي رَجَمه .
أنت في كل طواف تقف عند الحجر الأسود وتشير إليه وتقول : اللهم إيماناً بك ، وتصديقاً بكتابك ، واتباعاً لسنتك ، وعهداً على طاعتك.
أيها الأخوة، لقد استقطب البيت الحرام المؤمنين من قارات الدنيا الخمس، فجاؤوا نوعيات مختلفة، تحمل كل جماعة هموم مجتمعها، جاؤوا ليعبدوا ربهم في هذا المكان ، جاؤوا ليعودوا في البعد الزماني إلى ماضي هذه الأمة، وفي البعد المكاني إلى الأرض التي نزل فيها الوحي، جاؤوا ليعودوا إلى المكان الذي ضمّ هذه الرسالة الخالدة، للتزود بالدروس المفيدة التي تعينهم على صلاح دنياهم وفق منهج ربهم، وصلاح دينهم الذي هو عصمة أمرهم .
وأضاف الشيخ:” أيها الأخوة، الحج عبادة زُيِّنت بمحاسن وآداب، وإذا كان الحج ارتفاعاً عن شهوات الحياة الدنيا ومادياتها، وتدريباً للعبد على التخفف منها، والإكتفاء باليسير، فلا يليق بالمتلبس بهذه العبادة أن ينشغل عنها بما نهى الله تعالى، إنه لا يكفي منك أن تُعرِض عن هذه المنهيات فحسب، بل عليك أن تكون آمراً بالمعروف، ناهياً عن المنكر، إن حسن الخلق، وطيب الكلام، وإطعام الطعام، من أعظم القربات إلى الله عز وجل في الحج .
أيها الأخوة، حقائق في جمل: لا يُعقل، ولا يُقبل أن يعود الحاج من أداء هذه الفريضة كما ذهب. لا يُعقل، ولا يقبل أن يُوجد الحاج في المشاعر المقدسة دون أن يشعر بأية مشاعر مقدسة، أنت في المشاعر المقدسة لا تشعر بشيء من المشاعر المقدسة ؟!، لا يعقل، ولا يقبل أن يتحرى الحاج سنةً أو مستحباً، ويرتكب من أجلها معصية، أو أن يتجاوز فريضة، تقبيل الحجر سنة، أيعقل أن تدفع إخوانك وأن تؤذيهم وصيانتهم فرض من أجل سنة ؟، لا يُعقل، ولا يُقبل أن يحدثك الحاج عن كل شيء في الحج إلا الحج . لا يُعقل، ولا يقبل أن يرمي الحاج الجمرات تعبيراً عن معاداته للشيطان، ويعود إلى بلده ليكون أُلعوبة بيدي الشيطان. لا يُعقل، ولا يُقبل أن يقتصر أمر الله في هذه الفريضة على أن يأتي الحاج من بلاد بعيدة ليجلس في المشاعر المقدسة، يأكل، وينام، ويتكلم في شؤون الدنيا.
والله في بعض الحجاج بعرفات حديث دنيوي، جئت من أقصى البلاد ودفعت مئات الألوف من أجل أن تجلس وتتحدث..”.
وتابع الشيخ:” إن أمر الله في هذه العبادة ليس كذلك ، وهو أعظم وأجلّ من أن يكون كذلك، أن تأتي إليه من بلاد بعيدة، لتحقق وجودك المادي في مكان، تمضي هذا الوقت في غير ما أمرت به، وليس هذا المستوى من الحج هو الذي تقوم به مصالح المسلمين في دنياهم وأخراهم .
أيها الأخوة، يجب أن نعلم العلم اليقيني بأن الحج وهمٌ كبيرٌ شاع بين معظم الناس، أنك إذا عدت من الحج عدت من ذنوبك كيوم ولدتك أمك، هذا صح، ولكن فيما بينك وبين الله، أما فيما بينك وبين العباد، لابدّ من أن تؤدى الحقوق، هذا وهم كبير، الحج لا يكفر الذنوب التي لم يتب منها صاحبها، فالمقيم على ذنب ولم يتب منه، وهو مستمر فيـه، فإن الحج لا يكفر هذا الذنب، إنما الحج كفارة وأجر للعبد التائب منه، الراجع إليه، الراجي رحمته وعفوه، والذي أقلع عن ذنوبه إقلاعاً لا رجعة بعدها، والدليـل على ذلك ما رواه الإمام مسلم بإسناده إلى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال أناس لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا رسول الله : أنؤاخذ بما عملنا في الجاهلية ؟ قال صلى الله عليه وسلم : أما من أحسن منكم في الإسلام فلا يؤاخذ بها، ومن أساء أخذ بعمله في الجاهلية والإسلام)).
إنسان له جاهلية ذهب إلى الحج إذا تاب توبة نصوحة غفر الله له هذه الجاهلية، فإذا عاد لما كان عليه حاسبه الله على ما كان منه قبل الحج وبعد الحج، يغفر للحاج كل ذنب ما كان بينك وبين الله، أما ما كان بينك وبين العباد لا يغفر إلا بالأداء أو المسامحة، وهناك دليل قوي جداً: ((يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إِلَّا الدَّيْنَ)) .
الشهيد بذل حياته لله، الدين لا يغفر، أحد الصحابة توفاه الله، خاض مع النبي عليه الصلاة والسلام الغزوات كلها، فقال عليه الصلاة و السلام: ((أعليه دين ؟ قالوا: نعم، قال: صلوا على صاحبكم، ولم يصلِ عليه)).”.
وإختتم الشيخ خطبته الأولى قائلاً:” فهذا الوهم يرتكب المعاصي ما شاء يقول بعد ذلك أذهب على الحج ويتوب الله عليّ، حقوق العباد مبنية على المشاححة، بينما حقوق الله مبنية على المسامحة .
حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا، وسيتخطى غيرنا إلينا ، فلنتخذ حذرنا، الكيّس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها ، وتمنى على الله الأماني، والحمد لله رب العالمين..”.
ومما جاء في خطبة الشيخ الثانية:” الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى صحابته الغر الميامين ، و على آل بيته الطيبين الطاهرين.
أيها الأخوة أحاديث في أهمية الحج؛ أيها الأخو :((تَعَجَّلُوا إِلَى الْحَجِّ يَعْنِي الْفَرِيضَةَ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لا يَدْرِي مَا يَعْرِضُ لَهُ)) . ((تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ الْمَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إِلا الْجَنَّةُ))؛ ((الْحُجَّاجُ وَالْعُمَّارُ وَفْدُ اللَّهِ ، إِنْ دَعَوْهُ أَجَابَهُمْ ، وَإِنِ اسْتَغْفَرُوهُ غَفَرَ لَهُمْ))..”.

وإختتم الشيخ خطبته بالقول:” بإسم الحركة الإسلامية ومصلي مسجد عمر بن الخطاب ندعو الله عز وجل أن يوفق حجاج بيت الله الحرام وان يتقبل حجهم وان يعيدهم سالمين غانمين إن شاء الله..؛ أم الأمر الآخر ففي مثل هذا اليوم تحيي الجماهير العربية عامة وأهالي كفر قاسم خاصة الذكرى الرابعة والخمسين للمجزرة التي إرتكبت بحق 49 من أبناء كفر قاسم رجالاً ونساءاً وأطفالاً دون أي ذنب يُذكر سوى أنهم أرادوا العودة إلى بيوتهم بعد أن أنهوا عملهم في حقولهم ومزارعهم، حيث قامت مجموعة من حرس الحدود بفتح نيران رشاشاتهم بغير رحمة ولا ضمير إنساني…، فالله نسال أن يتغمد شهدائنا الأبرار بواسع رحمته وان يسكنهم فسيح جناته.

أما الأمر الآخر فإننا نستنكر بإسمكم جميعاً الإعتداء الذي حدث مؤخراً على أهالي مدينة أم الفحم ووادي عارة ككل، بعد الزيارة الإستفزازية لمارزل وزمرته.

‫4 تعليقات

  1. اللهم اجعلنا ممن يزور تلك البلادثانيه وثالثه وتقبل من حجاجنا الحج واجعله مبرورا وسعيا مشكورا
    سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله ومحمد حبيب الله

  2. بشكر الشيخ ابو احمد على كل الخطب ان شاء الله برجعو الحجاج سالمين ومقبولين

  3. اللهم تقبل من الحجاج جميعا سؤالي للشيخ هل يجوز للحاج ان يذهب الى الحج وهو حرب مع اخوه واختة واعرف حاجة ذهبت الى الحج وهي حرب مع اخوها توقعت ان تنحل المشاكل قبل السفر لكن الطرفين اصرو على موقفهم سؤالي للحاج نفسة الى اين انت ذاهب ما مفهومك عن قوانين الفريضة واين اهل الخير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة