حوار مع الفنان التشكيلي المغربي سعيد العفاسي في كفرقرع

تاريخ النشر: 26/11/11 | 17:42

جاء من المغرب الى كفرقرع زائراً, ليحل ضيفاً مكرماً على مرسم “عين الغربال” للفنانة القرعاوية رانية عقل. فهو فناناً  تشكيليا مميزا يجمع بين القصة والمقال والكثير من الأنواع الأدبية الأخرى، يتنقل بين الألوان والكلمات لينسج نصوصا إبداعية ولوحات مثيرة تصف سمات البيئة المغربية بكل ما فيها من قيم حضارية وإنسانية….. انه الفنان المبدع والموهوب سعيد العفاسي ابن مدينة فاس المغربية ذات التاريخ المجيد والفن العريق. فهو فنان تشكيلي يعمل كرئيس المرصد الثقافي للمعرفة والتواصل والمدير الإداري لملتقى فاس السنوي للفن والرسم  حضر لنلتقي به هنا  في كفرقرع في حوار ثقافي فني مع موقع بقجة  ولنحصل منه على هذه المعلومات نتعرف من خلالها عليه وعلى اعماله:

من هو سعيد العفاسي؟

سعيد العفاسي  فنان وناقد تشكيلي من مدينة فاس / المغرب. خريج المدرسة التقنية للفنون التشكيلية بالدار البيضاء. حاصل على شهادة اكاديمية في الفلسفة تخصص علم الاجتماع من جامع سيدي محمد بن عبد الله بفاس.  رئيس المرصد الجهوي للمعرفة والتواصل بفاس.  مؤسس المهرجان الدولي للفنون التشكيلية بفاس.

*كيف يمكن لك أن تقربنا الى المهرجان الدولي للفنون التشكيلية الذي تشرفون على تنظيمه كل سنة بفاس ؟

– قبل أن نفكر في سن هذا المشروع الفني والثقافي بفاس، طرحنا أسئلة عميقة وقلقة على أنفسنا، ووضعنا جميع الاحتمالات، سواء بالفشل أو النجاح، في غياب قاعة العرض، وفي غياب الدعم المالي والمعنوي، وفي غياب التواصل مع الجمهور المتعطش لمثل هذه التظاهرات، وفي غياب الفنان الذي بدأ يتعب من الحصار المفروض من طرف بعض الفنانين، الذين تعودوا أن يسمعوا أسماءهم في الساحة، الرهان كان بحجم المسؤولية، وكنا ندرك في المرصد الجهوي للمعرفة والتواصل ما هي الأهداف التي جئنا من أجلها، لأننا جئنا نحمل مشروعا بصريا وجماليا وتربويا ينبش في البصيرة والبصر ويحاول أن يمسح الغبار المتراكم جراء قلة المعارض التي تقام بفاس، وكان هاجسنا أن نشرك الجميع المبتدئين والرواد، من أجل التلاقح والاحتكاك والبحث عن الذات من خلال الآخر، لم يكن الأمر سهلا، بدأنا بالاعتماد على الذات سنة 1999 حيث نظمنا أول معرض بمتحف البطحاء، وبهذا كنا آخر من عرض بهذا المكان الجميل، على اعتبار أنه تم استغلال القاعات من أجل عرض دائم للفخار، وفوجئنا بالحضور القوي للجمهور وللفنانين الذين حجوا بكثرة من أجل البحث عن التشكيل بفاس ووجدنا أعمالا تنماز بالجدية والتطور، بل وتملك مشروعا جماليا وتربويا يؤمن بالفن وبكل تجلياته، ومنذ ذلك الحين حاولنا أن نرسم المسار لهذا الوافد الجديد على الساحة الثقافية بفاس، حيث المهرجان العالمي للموسيقى العريقة، والمهرجان الوطني لموسيقى الأندلسية المغربية، والمهرجان الوطني لفتن الملحون، والمهرجان الوطني لفن السماع والمديح، والعديد من الأنشطة التي الثقافية والفنية بفاس،

بمعنى هناك رصيد هام من المعارف والفنون المتعددة والغنية بالتنوع وبالاختلاف، وقادرة على الانفتاح على كل النسيج المجتمعي لمدينة لها من التواجد أكثر من 12 قرنا، ولها من الزوار سنويا من مختلف دول وبقاع العالم،بمعنى ذكنا نغامر لكي نرسخ موقع قدمنا في هذا الفسيفساء العريق والهام من الأنشطة، وهكذا وفي كل دورة كنا نعمل على نحت شعار ينسجم وفق التطلعات الراهنة للفنان والمجتمع، على اعتبار أن الفنان ينصت لنبض المجتمع ويتتبع حركيته المحلية والوطنية والدولية بل وحتى الكونية، ويحاول أن ينبه أو يثير بعض الجوانب الحياتية التي يرى أنها بحاجة إلى ترميم أو إعادة الاعتبار، لأن الفن هو إبداع في المفاهيم وإذا لم يكن كذلك، أتساءل ما جدواه وما الغائية منه، بهذا استطاعت دورات المهرجان أن تحقق العديد من الأهداف ومن ضمنها تقريب الثقافة التشكيلية من الجمهور، وكذا إرساء فعل تشكيلي إلى جانب الأفعال الثقافية الأخرى بالمدينة، إذ وفقنا في وضع المهرجان ضمن أجندة المهرجان الرئيسة التي تنظم بفاس، وله مساحته الزمنية وجمهوره وحوارييه، يتفاعلون معه وينفعلون به، رغم أننا نجد الكثير من العقبات التي في كل مرة تحاول أن تكسر صلابتنا وأن تثنينا عن السعي في التنظيم، لكننا نؤمن بالاختلاف ونؤمن بالتحدي ونترفع عن كل الدنايا، ونواجه الواقع بما لدينا من دعم، لأننا نعمل من أجل نشر الثقافة التشكيلية قراءة ودراسة ونقدا وليس من أجل الربح المادي، والدليل أننا لا نفرض رسوما على الفنانين من اجل المشاركة معنا، واستطعنا اليوم أن نكسب دعم وزارة الثقافة ودعم الجماعة الحضرية لفاس وولاية جهة فاس بولمان والعديد من الشركاء الخواص والشركات التي أصبحت رفيقة في التنظيم، كل هذا لنعطى لفعلنا استمرارية وتنوعا، وأصبح لنا جمهورنا الخاص ومتتبعونا وروادنا الذين يواكبوننا بحب وثقة، وفعلا لمسنا ذلك على المجتمع من خلال الثقافة التشكيلية التي اكتسبها البعض بفضل المشاركات المتعددة في التلقي والقراءة والإنصات إلى الندوات والمشاركات في الورشات الفنية والجلسات المفتوحة التي ننظمها على هامش المهرجان.

المهرجان فرصة للتواصل وتحقيق الانفـتاح على الفـاعلين الاقتـصاديين والسياسيين ومحاولة إدماج الفن التشكيلي ضمن المنتوج المحلي لإبراز كفاءات الفنان، وتيسير سبل الاتصال به، وذلك من خلال مشاركة نخبة من الفنانين التشكيليين الذين بصموا مسارهم الفني بالانفتاح على مختلف التقنيات والمدارس الفنية والتشكيلية، وأكدوا حضورا وازنا على المستوى المحلي والوطني والدولي، ليكون المهرجان منفتحا على تجارب وتقنيات وأساليب مختلفة اختلاف المناحي الفكرية وطرائق العيش وتنوع العادات والتقاليد وطرق العيش، في المعالجة والرسم والتشكيل مستحضرا في ذلك كل ما يتعلق بالفنون التشكيلية من تصوير ورسم وصباغة ونحت وحفر وتعبير… شعورا منا بدفع الحوار بين فاس والمدن المغربية والدول العربية و الإفريقية والشرق متوسطية والأوربية والأمريكية…ومن مختلف دول العالم، نحو تحقيق الأهداف الإنسانية التي تجنح إلى تعاون بناء وحقيقي بين الحضارات والثقافات في عالم يتغير باستمرار، وفي التواصل مع باقي الشعب الأخرى من خلال الفن لتذويب الخلافات التي تنتج عن السياسات.

ولكم نهج سيرة المهرجان:

* الدورة الأولى :

سنة 2003 بمتحف البطحاء تحت شعار : ” الفن والمجتمع… أية علاقة ؟؟؟؟ ” بمشاركة 20 فنانا تشكيليا.

* الدورة الثانية :

سنة 2004 بمتحف البطحاء تحت شعار : ” تلاقح الأجيال ” بمشاركة 25 فنانا تشكيليا.

* الدورة الثالثة :

سنة 2005 برواق المركب الثقافي البلدي الحرية ورواق المركز الثقافي الإسباني، تحت شعار : ” بصمات جيل ” بمشاركة 36 فنانا تشكيليا.

* الدورة الرابعة :

سنة 2006 برواق المركب الثقافي البلدي الحرية ورواق المركز الثقافي الإسباني، تحت شعار : ” نظرات … اختلاف ” بمشاركة 42 فنانا تشكيليا.

* الدورة الخامسة :

سنة 2007 برواق المركب الثقافي البلدي الحرية ورواق المعهد الثقافي الاسباني، تحت شعار : ” جماليات التشكيل “بمشاركة 50 فنانا تشكيليا.

* الدورة السادسة :

سنة 2008 برواق المركب الثقافي البلدي الحرية ورواق البنك الشعبي لفاس تازة ورواق جميل للفنون التشكيلي، تحت شعار:” فاس 12 قرنا من التنوع الثقافي ” بمشاركة 48 فنانا تشكيليا.

* الدورة السابعة :

سنة 2009 بأروقتي محمد القاسمي والمركب الثقافي البلدي تحت شعار: “المدينة والتشكيل” بمشاركة 40 فنانا تشكيليا من 12 دولة عربية وأوربية.

* الدورة الثامنة :

سنة 2010 بأروقة المركب الثقافي البلدي الحرية تحت شعار: “سبل التشكيل”بمشاركة 65 فنانا تشكيليا من المغرب وبعض الدول العربية عربية والغربية، دورة الفنان التشكيلي عبد المالك العلوي.

* الدورة التاسعة :

سنة 2011 بأروقة محمد القاسمي والمركب الثقافي البلدي الحرية بفاس، تحت شعار: ” تجليات الفنونو التشكيلية في خدمة قضايا الوطن”، دورة الفنان التشكيلي المغربي : عبد الله الحريري، بمشاركة 56 فنانا تشكيليا من 12 دولة عربية وأوربية.

*الدورة العاشرة:

سنة 2012 نقترح المهرجان الدولي العاشر للفنون التشكيلية، تحت شعار : ” الفنون التشكيلية ….ورهانات التربية “،دورة الفنان المغربي الكبير محمد البوكيلي، من 06 إلى 26 أبريل 2012 .

هل لك مشاركات  في المجال التشكيلي سواء بالمعارض الفردية أو الجماعية، وحتى في النقد كيف ترى الفن التشكيلي في المغرب و العالم العربي؟

–  ليس من السهل تحقيق الانتشار في ظل أرضية جد شائكة وغير واضحة، لكنني كنت منذ البداية أحاول أن امرر رسائلي بأسلوبي الخاص معتمدا على قراءاتي للموروث الثقافي المتاح، كي استمد قوة أعمالي التشكيلية، وكنت مرة أفشل ومرة أنجح ومرات أخيب ظن المتلقي ومرات أفلح في استقطاب بصر المتلقي واستفزازه، البدايات تكون دائما صعبة وحديثها ذو شجون، أفضل أن أبقيها للذاكرة والذكرى، بصدق واقع يحتاج إلى مراجعة الذات التشكيلية، والذوات الأخرى المرتبطة بالتشكيل، واقع فيه الكثير من المرارة التي لا يستشعرها إلا المنكوي بنارها، لا أنكر بوجود “لوبيات” تنتمي لجيل الستينيات وما قبله، وترفض أي وافد جديد عليها، وتتنكر للجيل الجديد وترى فيه بعين الحسد والغيرة، لكي تحافظ على حضورها المستمر في الساحة والتمثيلية المغربية على مستوى الخارج، هذا الأمر يتصدى له الكثير بحب واحترام وذلك من خلال تنظيم العديد من الملتقيات والمهرجانات التشكيلية وإشراك الشباب فيه من أجل التعريف بهم وبفنهم وبأسلوبهم وبتقنياتهم، كشكل من أشكال التعبير والإفصاح عن الطاقات الإبداعية للشباب، وأعتقد، لو أننا استطعنا أن نلقح الأجيال السابقة واللاحقة، بما يفيد الحركة التشكيلية، بالمشاركة البناءة وفتح المجال للجميع، لنجحنا في ربح الرهان بفعالية أكثر، لأن الفن ليس حكرا على أحد وليس له وصيا، أو حدودا، بل هو ممارسة وتجاوب مع الآخر ومع الذات ومع المحيط العام والخاص، الفن نبض المجتمع، وعليه أن يبقى يقظا وحيا، والفن هو تربية وأخلاق يسهم في التنمية والرقي بالإنسان نحو الأفضل، وتطهيره من دنس اليومي وشرك الحداثة وفتنة الشبكات المتخصصة في الإقصاء والتهميش، ووقاحة السياسات.

واقع التشكيل بالمغرب تنقصه قاعات العرض بمواصفات جيدة وبرامج محددة سلفا ومنهجيات عمل تراعي كل الخصوصيات من أجل الانفتاح على باقي التجارب والتقنيات بدون أن نسيء إلى ذوق المتلقي العادي أو ننفره من الفن، واقع يحتاج إلى الانفتاح أكثر وإلى تقريب التشكيل إلى المواطن العادي الذي يحاول أن يفهم التشكيل، لأن هذا الفن ظل إلى زمن قريب حكرا على فئة معينة من المجتمع وغير متاح للجميع، علما أن عدة عوامل ساهمت في ذلك من ضمنها تفشي الأمية وانعدام المعارض في بعض المدن، ثم إن الفن التشكيلي حديث العهد بالثقافة المغربية من جهة التذوق والقراءة، ونسبة الفقر في المجتمع، لأن المرء يفكر في الخبز أكثر ما يفكر في الفن، واقع يحتاج إلى الانتشار عبر المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية وفي الجامعات المغربية، والتعريف به كقيمة استطيقية، وضرورة حياتية وليس من الكماليات، واقع يحتاج الى مدة زمنية من أجل تشذيب الطفيليات من طريقه، والمصالحة مع باقي مكونات هذا الفن، واقصد الفنان مع الفنان والفنان مع الجمهور والفنان مع المؤسسات الاقتصادية والفنان مع المحيط العام للبلد. واقع يحتاج إلى من يكتب عنه كتابة نقدية حقيقية بعيدة عن الإطراء والمديح والمصالح. هذا لا يعني أن الأمور تجري في الطريق الصحيح لترتيب البيت التشكيلي توضيح مساره وتشذيب سمته من كل ما يعيقه، نظرا لما ألمسه من جهود حثيثة للنهوض بالتشكيل والعمل على إشراكه في الحياة اليومية حتى يتنسى له أداء وظيفته، وفي نظري يجب أن نتساءل دائما : ما الغاية من التنظيم والمشاركة ؟؟؟ ولعمري إذا استطعنا الإجابة بروية عن هذا السؤال البسيط العميق لاستطعنا أن نرسم معالم التشكيل في تجليات رائعة. وعلى الفنان التشكيلي العربي أن يعود الى جذوره مستعينا بمحيطه العام والخاص منفتحا على كل التجارب والتقنيات والأفكار لكي يكون فنانا كونيا، يخدم الإنسانية قبل أن يخدم جهة معينة أو فئة بعينها.

*هل لك أن تحكي عن انطباعاتك عن زيارتك  لدولة اسرئيل ؟

– قبل أن ازور البلد كانت لدي انطباعات عادية، من خلال ما اسمع أو أقرا. وهي انطباعات مشوبة بالقلق والحذر، ولا أحد ينكر هذا، لكن كانت لدي تجارب عدة من خلال ما عشته بفاس مع اليهود، حيث التعايش والانسجام والحرص على احترام الآخر وتذويب الخلافات، واحترام الدين والعرق والجنس، تجاربي مع تاريخ فاس وانفتاحي عليه منحني القدرة على التمييز، بين اليهودي والصهيوني، زرت البلاد ومعي تاريخ عريق من الحضارات والثقافات المتعاقبة والديانات، والعيش في تساكن ومحبة في السوق والحي والحارة والدرب والساحة، والبوابات التي تستقبل يوميا مئات الناس بدون كلل، وفاس تعرف كيف تعلم زوارها وسكانها، محبة الآخر، حيث لا يمكن الحديث عن تاريخ مدينة فاس دون ذكر اليهود، ولا يمكن الحديث عن تاريخ اليهود دون ذكر مدينة فاس، هذه المدينة التي تمتد تاريخها الى أكثر من اثني عشر قرنا من التواجد والاستمرارية والتعايش والاختلاف، اختلاط الأجناس والأعراق، والديانات، واللغات واللهجات، ثم إن انفتاحي على تاريخ المدينة ساعدني على السمو الى ما هو أرقى، دون تمييز أو حكم قيمة، أنا اسكن ب” حي البليدة” بالمدينة القديمة بفاس وهو حي من أعرق الأحياء التي سكنها اليهود، حيث به درب يسمى لحد الآن ب ” درب النوالة” والنوالة تعني “العرش” بضم العين، وهو عيد معروف عند اليهود، ثم إن سكني محاط بحي آخر اسمه ” فندق اليهودي”، بالاضافة الى تواجد العديد من الحرف التقليدية التي كانت من اختصاص اليهود دون غيرهم.

على امتداد الدول التي حكمت المغرب منذ الأدارسة، كان اليهود يعيشون في سلام ومحبة دون تفريق أو تمييز، حتى أن الدولة المرينية أفردت لهم مدينة خاصة اسمها المدينة البيضاء أو ما يسمى اليوم بفاس الجديد، ناهيك عن العديد من السمات التي تبرز المكون اليهودي كمرجعية أساسية للحديث عن تاريخ المدينة، بنبل عميق، ويجب أن لا أنسى ذكر التعديلات الدستورية الجديدة التي كانت موضوع استفتاء يوم فاتح يوليوز 2011 استناد إلى الظهير الشريف رقم 1.11.82 والصادر في 14 من رجب 1432 الموافق 17 يونيو 2011 بعرض مشروع الدستور على الاستفتاء، وقد كنت من الذين ساندوه وقالوا نعم للدستور الجديد، نعم للجهوية المتقدمة، نعم للملكية دستورية الديمقراطية البرلمانية والاجتماعية، نعم لمغرب الحرية والكرامة، حيث جاء في تصدير الدستور ” يشكل هذا التصدير جزء لا يتجزأ من هذا الدستور” المغري الجديد ما يلي :

” إن المملكة المغربية، وفاء لاختيارها الذي لا رجعة فيهن في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون، تواصل إقامة مؤسسات دولة حديثة، مرتكزاتها المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة، وإرساء دعائم مجتمع متضامن، يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة، وتكافؤ الفرص، والعدالة الاجتماعية ، ومقومات العيش الكريم، في نطاق التلازم بين حقوق واجبات المواطنة.

المملكة المغربية دولة إسلامية، متشبثة بوحدتها الوطنية والترابية، وبصيانة تلاحم مقومات هويتها الوطنية، الموحدة بانصهار كل مكوناتها، العربية، الإسلامية والأمازيغية، والصحراوية الحسانية، الغنية بروافدها الإفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية، كما أن الهوية المغربية تتميز بتبوئ الدين الإسلامي مكانة الصدارة فيها، وذلك في ظل تشبث الشعب الغربي بقيم الانفتاح والاعتدال والتسامح والحوار، والتفاهم المتبادل بين الثقافات والحضارات الإنسانية جمعاء. “

طيب، زيارتي كانت من هذه المنطلقات والثوابت الوطنية والإنسانية، سيما وأنني لا أمثل جهة، أو سياسة معينة، بل أمثل المغرب الذي أحبه بكل أطيافه وتجلياته ومكوناته، وأمثل المدينة التي ربتني وعلمتني مفاهيم الحياة، بل أمثل الفن الذي أنتجه وأتواصل به مع الآخر، فرد مع فرد مجتمع مع مجتمع وشعب مع شعب، ويهمني أن أكون جسرا للتواصل مع محيطي العام والخاص، في هذه الزيارة حضرت معارض فنية وزرت أماكن متعددة، تجولت في الأسواق، فتحت حوارات فنية مع بعض الفنانين، سافرت الى مدن مختلفة والتقيت بالناس، ولاقيت تريبا من طرف العامة من الناس الذين عرفوا بأنني مغربي من فاس، حفاوة زادتني احتراما لمكونات هذا البلد، والأهم أنني لمست تطورا كبيرا في الشبكة الطريقة وفي العمارة والحضارة، والأكثر من ذلك تجولت في المتحف الإسرائيلي الكبير، الذي نفتقد مثله في المغرب، وشاهدت عن بعد متحف الفن الإسلامي بالقدس. كما أنني كنت بين أناس علموني الكثير من خلال كرمهم وأذكر أسرة الفنانة رانية عقل التي شملتني بعناية رائعة، كان لها الوقع الكبير على نفسيتي، وقد تأثرت بما لقيته من حفاوة ومحبة وتقدير، سواء في المعارض التي زرتها أو في “عين الغربال” أو عند الفنانين: الشاعر الأنيق إبراهيم أبو مالك، والفنانة رانية عقل، الفنان أحمد كنعان، والفنان محمد كلش، والشاعر أسامة ملحم، والفنان خضر وشاح، والفنانة بثينة ملحم، والفنانة هدى جمال، والألمعي الكاتب عبد الرؤوف أبو فنة، والكريمة لبنى وأسرتها التي ضيفتني يوم عيد الأضحى، دون أن أنسى رفقتي مع السيد منير ظاهر ودان من مكتب وزارة الخارجية واللذان عملا كل الجهود لكي أكون في ضيافة مريحة، وقد سررت بالجهود التي بذلوها كفريق في سبيل نشر ثقافة التسامح والتعايش بين مختلف الشعوب، هدفهم الأسمى هو تمتين العلاقات الإنسانية، والانفتاح على الفكر الإنساني المجرد من كل العوائق، وبعد كل هذا الإحساس أدركت جازما بأنني تأخرت في الزيارة كثيرا.

*كيف ترى الفن الإسرائيلي اليهودي عند زيارتك للمعارض في البلاد ؟

–  طبعا كانت زيارتي حافلة بزيارة المعارض وأروقة الفنانين، وتبادل الخبرات التقنية والفكرية، وهي مناسبة حاولت من خلاها ربط جسور المحبة والتواصل الفني والتعريف بالمهرجان الدولي للفنون التشكيلية بفاس والذي أترأس فعالياته، وبالمكون الفكري والتقني للفنون التشكيلية، من خلال الحديث عن تجارب الفنانين المغاربة، وعن تجربنا في التنظيم واستقبال الفنانين من مختلف دول المعمور بدون حيف أو إقصاء بسبب اللون أو العرق أو الدين أو السياسة، الأكثر من هذا أنني حضرت معرض مشتركا بمدينة تل أبيب بفندق ” ديجلاف” تحت شعار:”الوضع الراهن” للعرب واليهود، لا أخفيك انه كانت تنتابني قبل الدخول الى المعرض أفكار وهواجس مختلفة من حيث انه يترسب في ذهني / عربي /يهودي / وبعد ولوجي لقاعة المعرض وانفتاحي على الأعمال تأملا ومشاهدة وحوارا وحديثا، انمحت من ذهني نهائيا مسألة الدين أو السياسة، وكنت أشاهد الأعمال بعين فنية لا بعن سياسية أو دينية، وهذا ما شجعني أكثر على طرح الأسئلة والبحث في مضامين اللوحة وتفكيك رموزها والنبش في فضاءاتها التي تقود للمعنى، مع اللوحات وجدتني فنانا ناقدا وإنسانا، أشكل ما لا يشكل وأرتب الأشياء بوعي فني عميق، وأحاول صياغة الدلالات بما ترسب في مخزوني الفكري من ثقافات، وحدها الأعمال الفنية قالت كل شيء حين كانت تجاور بعضها في انسجام واع، وتقابل بعضها البعض في تحدي صارخ للسياسات التي تفصل بين الإنسان وأخيه، اللوحات كانت تجر الجمهور جرا وتأخذه أخذا، الى عوالم أكثر نقاء وحرية وانفتاحا، هذا هو الفن وهذه هي رسائله النبيلة التي تجرد الفكر من كل ما يشوب طموحه الكوني وإنسانيته المفتوحة، أبدا لم اشعر لوهلة واحدة بأنني أتواجد في معرض يضم فنانين عربا ويهود، بل كنت مع ذوات إنسانية ومع لوحات كونية تسائل الحرية والكرامة وحق العودة وتنحث في الحديد والخط وتؤسس لجغرافية ذهنية راقية. لدرجة أنني تمنيت أن أكون عارضا بينهم وليس فقط مجرد زائر للمعرض. وسوف أعمل جاهدا على أن أكون في السنة القادمة فنانا مشاركا لكي أضيف هذه التجربة الفنية لمساري الذي هو في مسيس الحاجة لهذه الخطوة لكي أربط بين تاريخ فاس وتاريخ هذا البلد فنيا.

وبما أن المناسبة شرط فإنني أتقدم بالشكر الوافر لكل من ساهم في أكون بينكم، شاكرا للكل حسن الضيافة والاستقبال، ولا أستثني أحدا من عمال نقطة الحدود إلى قمة الأحبة الذين بذلوا الجهد لكي أعود لفاس وأنا محمل بالمحبة والتقدير، وسلامي المشفوع بالعودة لساكنة كفر قرع، وستبقى هذه الزيارة موشومة في تاريخي أفتخر بها مدى ما عشت، وهي مناسبة لكي أدعوكم جميعا لزيارة فاس لأنكم ستكتشفون مثلي بأنكم تأخرتم كثيرا في زيارة مدينة تسكنكم منذ سنوات.

‫15 تعليقات

  1. هو فخر لنا ولبلدتنا ان يزورها فنان مغربي لامع ، وفخر اكثر ان تنمو بيننا فنانة ك رانية عقل.
    اتوجهه لمديرها ومدراء مدارسنا ان يضيفوا لجولات طلابنا ، زيارات للمعارض الفنية في القرية ، كبيت الكبير محمد كلش و مرسم الفنانة رانية و غيرهم الكثير ، الاطلاع منفعة.
     

  2. اهلاً وسهلاً بك في بلادنا..من المقال افهم انك مسؤول عن مهرجانات الفن التشكيلي في المغرب.
    ونحن فنانو البلاد بحاجة ماسة للتواصل مع الفن العربي بالخارج ويا حبذا لو عرفنا بزيارتك لنستضيفك بالنادي الثقافي هنا بالناصرة ليكون بداية مشوار ثقافي مشترك. نتمنى لقائكم مستقبلاً
    وتحياتي لكم في كفرقرع

  3. كفرقرع بلد الاطياب والكرم والجود
    ذراعيها مفتوحة دائما لاستقبال الضيوف
    بس لو كنا نعرف بزيارتكم …!! حلو الواحد يتعرف عالمغاربة ويتناقش معهم عن عاداتهم وبلدهم وخاصة فنان مشهور مثلك

  4. المقال كثير طويل بس والله شيق والمعلومات فيه بتخلي الواحد يقراها للاَخر
    بس مفهمتش شو يعني “فاس اليهود واليهود فاس” ؟ هل لحد اليوم فاس كلها يهود؟
    وكيف العلاقات بينهن وبين العرب هناك؟

  5. المزبوط حلو انه نتعرف على اناس مهمة من العالم العربي لانه بعد ما قريت المقال فتت على النت وعرفت انه الشخص عفساني مرموق في بلاده وهو المنظم الرئيسي للمهرجانات في المغرب
    كل الاحترام
    واهلا وسهلا بك بيننا
    ويا ريت يا اخت رانية تنظمي بعثة من الطلاب للمغرب للمهرجان القادم واحنا نستقبل اولادهم في مهرجانات هون بعدها …يعني تبادل بعثات وانا مستعدي ابعث بنتي واستقبل طالبات من المغرب عندي بالبيت ..ليزيد المحبة والسلام ولتبادل الثقافات ..

  6. تحية للاخ عفسي
    بس بدي اوجه انتقاد بسيط بتأمل تقبلوه بروح رياضية…
    السؤال الاول في المقال ..المفروض الاجابة تعرفنا بالشخص
    لكن للأسف نقصني اعرف الشخص وليس الوظائف؟؟؟
    فمن انت يا اخي؟ حالتك الاجتماعية؟ عمرك؟ حياتك؟ سبب زيارتك للبلاد.؟؟
    اتمنى الاجابة
    وعلى كل اهلا وسهلا بك في بلادنا
    باحترام
    علياء

  7. مفهمتش اخي فاس اليهود واليهود فاس؟؟؟؟المغرب بلاد اسلاميه وتبقى وتتلاشى اسلاميه…… يا ريت المقال لو كان قصير ومفهوم بل طويل …..ويا ريت اخت رانيه لو كتبتي شوي عن حالك لانه اهل البلد ما بعرفوكي!!!!!!!!!ويا ريت تشرحوا شوي عن فنانينا المحليين مثل الفنان المعروف الكبير محمد كلش….ارجوا النشر….

  8. تحية محبه للاخت رانيه….انت مفخرة لاهل بلدك ومشروعك مميز. قدماً والى الامام.

  9. بفكر لو حضرتك شفتي المقال بامعان ما قلتي المغرب بلد إسلامي لأنة مذكور جيدا هلشي بالمقال وبفكر أنة الفنانة رانية عقل اشهر من النار على علم محليا ودوليا الموضوع تثقيف ذاتي اكتبي اسمها على جوجل ورح تعرفي قديش انت مقصرة بحق ثقافتك الشخصية وعن الفنان محمد كلش كمان هو معروف حربتي تزوريهم ؟؟ تزوري معارضهم ؟؟ بدك الثقافي هي تدور عليك وين مجهودك الذاتي ؟؟؟؟؟؟؟؟؟

  10. اولا اسمة مكتوب ” سعيد العفاسي” والجميع اخطء بكتابة اسمة . وبعدين الفنان بيقول “لا يمكن الحديث عن تاريخ مدينة فاس دون ذكر اليهود، ولا يمكن الحديث عن تاريخ اليهود دون ذكر مدينة فاس، هذه المدينة التي تمتد تاريخها الى أكثر من اثني عشر قرنا” اي ان لليهود دور في تاريخ مدينة فاس . كما يقول “المملكة المغربية دولة إسلامية، متشبثة بوحدتها الوطنية والترابية، وبصيانة تلاحم مقومات هويتها الوطنية، ” …واضح ان ضيفنا يتمتع بفكر عميق وثقافة عالية والحوار رائع رغم انة طويل حقا استمتعت كثيرا شكرا بقجة شكرا للفنانة القديرة رانية عقل التي اتاحت لنا ان يزور بلدنا اشخاص سيشهد لهم التاريخ يوما بفنهم وعطائهم ….

  11. مش مجبور يجاوب على كل هالاسئلة لانو الخصوصيات ليست فقط للبشر العاديين وانما للفنانين أيضا والشخص الفنان كل سؤال يرى به خصوصيته والتدخل في حياته الشخصية ليس مطّر انو يجاوب عليها ودايما بطلّع لقدامو مش لورا وشو رح يصير لقدام مش شو الي صار ورمى ورا

  12. شكرا على اهتمامك
    لو أنك أتحت لنفسك فرصة قراءة الحوار كاملا لكان احسن
    ولو أن الحوار كان قصيرا لقلت: من الافضل لو كان طويلا ….
    بين هذا وذلك يوجد الحوار أعد قراءته بدون تأفف وبروح رياضية ستجدين كل الأجوبة فيه
    مرحبا

  13. أولا اسمي سعيد العفاسي ليس ما كتبته
    أنا انسان فنان وناقد تشكيلي من فاس المغرب جئت من اجل الفن لهذا البلد

  14. […] سامي ادريس هنا أكون…. أو هناك…حفرت ضوئي بإزميل اللون حوار مع الفنان التشكيلي المغربي سعيد العفاسي في كفرقرع     اقرأ أيضاً في […]

  15. […] في هذا السياق في موقع بقجة حوار مع الفنان التشكيلي المغربي سعيد العفاسي في كفرقرع مشاركة متميزة لفنانين من فلسطين بمهرجان فاس الدولي […]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة