خطبة وصلاة الجمعة من كفرقرع‘‘دُرُوْس مِن مَعْرَكَة بَدْر الْكُبْرَى‘‘

تاريخ النشر: 28/08/10 | 15:35

بحضور حشد غفير من أهالي كفرقرع والمنطقة، أقيمت شعائر خُطبة وصلاة الجُمعة الثالثة من شهر رمضان، من مسجد عُمر بن الخطاب في كفرقرع، حيث كان خطيب هذا اليوم فضيلة الشيخ أ.عبد الكريم مصري “أبو أحمد”، رئيس الحركة الإسلامية في كفرقرع، وكان موضوع الخطبة لهذا اليوم المبارك، ‘‘دُرُوْس مِن مَعْرَكَة بَدْر الْكُبْرَى‘‘، هذا وأم في جموع المصلين، فضيلة الشيخ صابر زرعيني “أبو الحسن”، إمام مسجد عمر بن الخطاب.

ومما جاء في خطبة الشيخ لهذا اليوم المبارك:” الحمد لله نحمده، ونستعين به، و نسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً بربوبيته، وإرغاماً لمن جحد به وكفر، وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله، سيد الخلق والبشر، ما اتصلت عين بنظر، أو سمعت أذن بخبر، اللهم صلِ وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه، وعلى ذريته ومن والاه، ومن تبعه إلى يوم الدين، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا إجتنابه، و اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين..”.

وأردف الشيخ قائلاً:” أيها الإخوة الكرام؛ العالم الإسلامي يقترب من مليار وأربعمئة مليون مسلم، وأنا لا أعتقد أن واحداً من هؤلاء لا يتمنى أن ننتصر، فالنصر هو الهاجس الأول في نفس كل مسلم، لأن للمسلمين واقعاً لا يُحسدون عليه أبداً..، نحن الآن في شهر رمضان، شهر تنزلت فيه آيات القرآن الكريم، شهر علت فيه رايات المسلمين، شهر الإنتصارات، ولم تأتي هذه الإنتصارات إلا بعد أن تمسكوا بشرع الله القويم، وبكتابه وبسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، في رمضان، شهر الإنتصارات: غزة بدر وفتح مكة والقادسية، وفتح بلاد الأندلس (إسبانيا اليوم) وفتح عمورية وحطين..”.

أيها الإخوة الكرام، نحن في ذكرى معركة بدر الكبرى، وقد وقعت هذه المعركة في السابع عشر من رمضان، ووقائع هذه الوقعة لا تخفى على مسلم، ولكن ما الدروس والعبر التي يمكن أن نستنبطها من موقعة بدر؟..”.

أيها الإخوة الكرام؛ ما دمنا نعتقد أن هناك نصراً يأتينا من الأرض فالطريق إلى النصر مسدود، ما دمنا نعتمد على زيد أو عبيد، ونرضي فلاناً، ونرضي علاناً، ونتقوى بهذه الجهة، ونساند هذه الجهة ، مادمنا نعتقد أن النصر يأتي من الأرض فالنصر طريقه مسدود، لأن الله عز وجل يقول:((وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ))، لو أن الله قال: النصر من عند الله، فقد يكون من عند غيره، ولكنه سبحانه قال، والقرآن بلسان عربي مبين:((إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآَناً عَرَبِيّاً))، الله عز وجل يقول: ((وَمَا النَّصْرُ إلا))، وإذا جاء النفي والإستثناء فالصياغة حصر وقصر:((وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ))، ((إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ))..”.

وتابع الشيخ:” أيها الإخوة الكرام، قبل أن نخوض في هذا الموضوع لابد من حقيقة تعد مقدمة لهذا الموضوع:” المسلم الواعي الذي نوّر الله قلبه وأيقظ فكره لا يتعامل مع الله تعاملاً مزاجياً عاطفياً طارئاً أساسه التمنيات، يتعامل مع الله تعاملاً علمياً وفق السنن التي سنها ، ووفق القوانين التي قنّنها، مثلاً: تركب مركبة، وتوقفت فجأة، هناك أسلوب يتبعه المسلمون اليوم، وهو أنه يخرج من المركبة، ويرفع يديه إلى السماء، يا رب عليك بهم، فإنهم لا يعجزونك، يا رب إجعل تدميرهم في تدبيرهم، ويزدادون قوة، هذا أسلوب لا يقدم ولا يؤخر، افتح غطاء المحرك، وابحث أين الخلل؟ أين المشكلة؟ الدعاء من دون عمل إستهزاء بالله عز وجل، الدعاء من دون حركة لا ينفع، قال سيدنا عمر لأعرابي أصيب جمله بالجرب: يا أخا العرب، ما تفعل بهذا الجمل الأجرب، فقال صاحب الجمل: أدعو الله أن يشفيه، فقال له: هلاّ جعلت مع الدعاء قطراناً ؟!”.

سأل سيدنا عمر في الحج أناسًا فقراء: من أنتم؟ فقالوا: نحن المتوكلون على الله، قال: كذبتم، المتوكل من ألقى حبة في الأرض، ثم توكل على الله.”.

أيها الإخوة الكرام، نحن في وضع لا نحسد عليه، فيما أرى أن خط المسلمين البياني وصل إلى القاع، ما العمل؟

أول شيء: ينبغي أن نتعامل مع الله وفق سننه، ونحن اللهِ لو دعونا ليلاً نهاراً، لو دعونا في كل صلاة، ولم نقدم لله أسباب النصر فلا يستجاب لنا، وفروا أوقاتكم، ووفروا حناجركم، ما لم نقدم لله أسباب النصر فلا يستجيب لنا.”.

وأردف الشيخ قائلاً:” أيها الإخوة الكرام، الفيصل في هذا الموضوع:((إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ))، فإن لم نغيّر فالله لا يغير: إذاً أول نقطة في هذه الخطبة: تعاملْ مع الله بأسلوب علمي، تعاملْ مع الله بسننه، بقوانينه، دققوا في هذه الآية:((لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ))..”.

أيها الإخوة الكرام، أول درس نستنبطه من معركة أُحُد ومن معركة حنين التي لم ينتصر فيها المسلمون، أنهم في أُحُد عصوا رسول الله:((وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ))، مادامت سنتك يا محمد فيهم، في بيوتهم، في أعمالهم، في كسب أموالهم، في إنفاق أموالهم، في علاقاتهم، في أفراحهم، في أتراحهم، في حلهم، في ترحالهم، فهم في مأمن من عذاب الله:((وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ))..”.

في أحد عصى الرماة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، لو أنهم إنتصروا لسقطت طاعة رسول الله، وانتهت، ولو أن الله نصرهم على معصيتهم لرسول الله صلى الله عليه و سلم لسقطت طاعة رسول الله.”.

أما في حنين فقد قالوا: لن نغلب من قلة. إن الخطأ في أُحُد سلوكيّ، إستراتيجي، أما الخطأ في حنين فهو إيديولوجي عقائدي، إعتقدوا أن كثرتهم تنصرهم، ونسوا ربهم، وفيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان معهم، ولم ينتصروا، مع أن أصحابه نخبة البشر،((إن الله إختارني، وإختار لي أصحابي))..”.

ولأنهم إعتمدوا على غير الله، إعتمدوا على قوتهم، أو على كثرتهم، أو على عددهم، وفي اللحظة التي تعتمد فيها على قوتك، أو على مالك، أو على تجمّعك، أو على أنصارك، أو على حلفائك فالنصر بعيد عنك بُعد الأرض عن السماء.”.

إذاً الخطأ في حنين كان توحيديًّا، والخطأ في أُحُد كان سلوكيًّا، ولو انتصروا في حنين لسقط التوحيد، ولا معنى للتوحيد إطلاقاً.”.

وأضاف الشيخ أيضاً:” أيها الإخوة الكرام، أما في بدر:((وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ))، أي مفتقرون إلى الله، أنت حينما تقول: اللهم إني تبرأت إليك من حولي وقوتي وعلمي، والتجأت إلى حولك وقوتك وعلمك، يا ذا القوة المتين، فأنت تقدم لله أسباب النصر.”.

إذا كان في الأرض إنسان واحد يستحق النصر من دون أن يأخذ بالأسباب فهو رسول الله صلى الله عليه و سلم، ومع ذلك لم يسمح الله له أن ينتصر دون أن يأخذ بالأسباب، أما المسلمون اليوم فلا يفعلون شيئاً، إنهم قاعدون، ينتقدون، يتابعون الأخبار، يتأوهون، يتحسرون، إنتهينا، العدو شرس، الهجمة شرسة، العدو غادر، إلى ما لانهاية من هذه الأقوال، لكن لا يوجد عمل، لا يوجد حركة، لا يوجد تخفيف من هموم المسلمين، إذاً أيها الإخوة الكرام، يجب أن تأخذ بالأسباب، وكأنها كل شيء، ثم تتوكل على الله، وكأنها ليست بشيء.”.

ومن السهل أيضاً ألا تأخذ بها، وتتواكل، و تفوض أمرك نفاقاً إلى الله، وتقول: ما بيدي شيء، كله ترتيب الله عز وجل، هكذا أراد الله، ماذا نفعل؟ عَنْ عَوْفِ ابْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:((إِنَّ اللَّهَ يَلُومُ عَلَى الْعَجْزِ، وَلَكِنْ عَلَيْكَ بِالْكَيْسِ، فَإِذَا غَلَبَكَ أَمْرٌ فَقُلْ: حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)) .

حينما تُغلَب؛ مسموح لك في هذا الوضع بالذات أن تقول: حسبي الله ونعم الوكيل، لا تقال هذه الكلمة إلا حينما تُقهَر، أما إذا كان بيدك أسباب فينبغي أن تتحرك.”.

وقال الشيخ:” أيها الإخوة الكرام، النقطة الأولى في بدر أنهم كانوا موحدين، وكانوا مفتقرين إلى الله، أخذوا بالأسباب، ثم توكلوا على الله، فإن لم تأخذ بها فقد عصيت، وإن أخذت بها واعتمدت عليها فقد أشركت، والبطولة أن تأخذ بها وكأنها كل شيء، وأن تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء.”.

إن هذا درس نحتاجه كل ساعة في حياتنا ، عندك سفر بمركبتك، تُجري لها مراجعة دقيقة تامة في كل أجزائها، وفي كل خصائصها، وبعد ذلك تقول: يا رب، أنت الحافظ، فإن اعتمدت على المراجعة، ولم تفتقر إلى الله لم تنفعك هذه المراجعة، وإن إعتمدت على الله، ولم تراجع لم ينفعك الإعتماد على الله، لذلك أرادك الله أن تكون إنساناً فذاً علمياً، خذ بالأسباب، وكأنها كل شيء، و توكل على الله، و كأنها ليست بشيء.”.

هذا الدرس ينفعك في عملك، حلك ترحالك، في تجارتك، تشتري بضاعة سيئة بسعر عال، ولا تباع، وتخسر، فتقول: هكذا أراد الله!! هكذا شاء الله!! هذا قضاء!! لماذا لم تعتن بشراء البضاعة ؟ لمَ لمْ تبحث عن النوع الجيد والسعر المناسب؟”.

نحن عندنا مشكلة كبيرة أيها الإخوة الكرام، نعزو أخطاءنا إلى الله ، وكل شيء نعده قضاء وقدراً، هو جزاء التقصير، و تقول: هكذا أراد الله، هذا كذب ودجل، الله عز وجل لا يأمر بالفحشاء.”.

أيها الإخوة الكرام، ما هي أسباب النصر بشكل علمي موضوعي؟ بشكل قوانين؟، النصر له سببان لا ثالث لهما: السبب الأول، الإيمان:((وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ))، وإذا قال خالق الأكوان:((وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ))، فلزوال الكون أهون على الله من ألاّ ينصرهم:((إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا))، إنه قانون وسنة راسخة ثابتة، لا تغيّر، ولا تبدل، و لا تطور، و لا تجمد، و لا تعدل، و لا تلغى، إنه الإيمان؟((وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ))، ((وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ)).”.

إن الإيمان الذي عناه الله عز وجل هو الإيمان الذي يحملك على طاعة الله فقط، هو الإيمان الذي يظهر في سلوكك، هو الإيمان الذي يظهر صدقاً وأمانة.”.

أيها الإخوة الكرام، الإيمان الذي يحملك على طاعة الله هو الإيمان الذي أراده الله.”.

أيها الإخوة الكرام، كلٌّ يدّعي أنه مؤمن، قضية الإيمان كأنها كلأ مباح يدّعيه كل إنسان، لكن الله عز وجل يقول:((مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ))، لذلك الله عز وجل يتولى تحجيم الإنسان، يتولى إرجاعه إلى حجمه الحقيقي، إلى حقيقته، لا إلى إدعائه، كل إنسان يدّعي أنه مؤمن كبير، لكن الله يضع له امتحاناً فيسقط، تغريه إمرأة، تغريه صفقة صغيرة تخالف منهج الله عز وجل فيقول: أنا عندي أولاد، ماذا أفعل؟ إنها بلوى عامة، فأنت حينما تسقط يلغى إيمانك.”.

وتابع الشيخ:” أيها الإخوة الكرام، إن الإيمان الذي أراده الله هو الإيمان الذي يحملك على طاعة الله، وغير هذا الإيمان سمِّه – ولا تتحرج – إيمانًا إبليسيًّا، أما الإيمان الذي يحملك على طاعة الله فهو الإيمان الذي يستحق النصر، قال تعالى:﴿وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾..”.

إسمعوا هذه الكلمة أيها الإخوة الكرام: إن المعركة بين حقين لا تكون، لأن الحق لا يتعدد، والمعركة بين حق وباطل لا تطول، لأن الله مع الحق:((كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً)).”.

أيها الإخوة الكرام، حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، و اعلموا أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا، وسيتخطى غيرنا إلينا، العاقل من دان نفسه ، وعمل لما بعد الموت، والجاهل من أتبع نفسه هواها، و تمنى على الله الأماني، أقوا مت تسمعون وأستغفر الله العظيم لي ولكم..”.

ومما جاء في خطبة الشيخ الثانية:” الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن سينا محمد عبده ورسوله، صاحب الخلق العظيم، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.”.

أيها الإخوة الكرام: بعد أيام سيعود أبناءنا وبناتنا إلى مقاعد الدراسة..؛ وبهذه المناسة الكريمة، أتقدم بإسم الحركة الإسلامية، وبإسم مصلي مسجد عمر بن الخطاب، لأعضاء الهيئات التدريسية والأسرة التعليمة في بلدي الحبيب، ولأبنائي وبناتي الطلبة، بأسمى آيات التهاني والتبريكات، سائلين المولى عز وجل أن تكون سنة خير وفلاح ونجاح، إن شاء الله رب العالمين..”.

وأردف الشيخ قائلاً:” ولي بعض الرسائل السريعة بهذه المناسبة؛ الرسالة الأولى: أيها الشباب إن الأمم إذا إفتخرت، إفتخرت بقوة شبابها وبصلاحهم، والمسلمون اليوم في شتى أقطار المعمورة يعلقون الآمال بكم، فكونوا عند حسن الظن بكم من الاستقامة على دين الله والنصح لأنفسكم ولأمتكم، فلقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يولي الشباب اهتماماً زائداً.

وروى الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “يا غلام، إني أعلمك كلمات، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله..”.

وتابع الشيخ حديثه بالقول:” أيها الشباب؛ إنكم في هذا العصر تتعرضون لتيارات فكرية وخلقية كثيرة تحملها وسائل الإعلام المختلفة عبر القنوات الفضائية وغيرها، كالمجلات، والكتب الهدامة التي تدعوا إلى كل رذيلة وتحذر من كل فضيلة، فإن لم تستمسكوا بحبل الله المتين وبالعروة الوثقى، فإنكم على خطر جسيم يهددكم صباح مساء.”.

وأضاف الشيخ أيضاً:” أيها الشباب؛ جدّوا في طلب العلم، وتوجوا العلم بالعمل الصالح، الذي يقربكم لمولاكم، وإحفظوا أوقاتكم، وإجعلوا أوقاتكم أغلى من الذهب والفضة على طلابها.”.

ووجه الشيخ نداءً إلى أولياء الأمور، قال فيها:” وأنتم أيها الآباء؛ إني أذكركم ببعض مسؤولياتكم في بداية هذا العام الدراسي الجديد، فعليكم النصح لأبنائكم، وذلك بغرس العقيدة الصحيحة في عقولهم، وذلك من خلال حثهم على كتاب ربهم، وسنة نبيهم محمدٍ صلى الله عليه وسلم قولاً وعملاً، حثهم على الإخلاص والصدق، وحسن النية، حثهم على مكارم الأخلاق، وتحذيرهم من سيئها، كونوا قدوة حسنة لهم، لأنهم ينشؤون على ما تعودونهم عليه، وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوَّده أبوه، حثوهم على مصاحبة الأخيار، وحذروهم من مصاحبة الأشرار..”.

وقال أيضاً:” أيها الآباء؛ لقد حملكم الله عز وجل رعاية أولادكم، قال سبحانه: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ))، وقال عليه الصلاة والسلام:” كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته فالرجل راع ومسئول عن رعيته والمرأة راعية ومسئولة عن رعيتها.. إلى أن قال عليه الصلاة والسلام، ألا كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته” متفق عليه.”.

وإختتم الشيخ خطبته قائلاً:” أيها المسلمون؛ بمناسبة إبتداء العام الدراسي، أود أن أنبه على بعض الأمور التي تجب على ولاة أمور الطلبة، وعلى الطلبة، وعلى المدرسين أخذها بعين الإعتبار. لقد حمَّل اللهُ الإنسان الأمانة، فتحملها، يقول تعالى:((إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً))، وليس هناك أمانة أعظم من أمانة النفس البشرية، إذ يجب الحفاظ عليها والإهتمام بها، وأبناؤنا أمانة في أعناقنا، وسوف نسألُ عنهم، هل حفظنا أم ضيعنا؟، إنَّ الأبناء عبءٌ ثقيل في بداية تربيتهم، ويحتاجون إلى جهد مضاعف حتى تستقيم أمورهم..، كما أذكرك في صلة الأرحام، وهذا عهد علي إن شاء الله رب العالمين، أن أذكركم بصلة الأرحام في نهاية كل خطبة، وخصوصاً ونحن في هذه الأيام المباركة العظيمة، صلوا أرحماكم ولا تكونوا ممن يقطعون أرحامهم…”.

‫5 تعليقات

  1. عبادات في أوقات الشدة
    ماشعورك لو أصابك هم شديد؟
    أو دين كبير؟؟
    أو مرض خطير؟
    أو جاءك خبر وفاة زوجتك؟
    أو حادث سيارة أدى إلى وفاة ابنك؟
    أيها الأحبة
    إن هناك عبادات لاتظهر إلا في أوقات الشدة
    ومنها :
    الصبر,
    والرضا ,
    واليقين ,
    والتوكل ,
    والتضرع ,
    والابتهال ,
    والانكسار ,
    والافتقار ,
    والتسليم ,
    والطمأنينة ,
    إن من السهل أن نقرأ عن هذه العبادات
    أو نتكلم عنها
    أو نستمع إلى شريط يتحدث عنها
    أو ندعو الله بأن يشرح صدورنا لها
    ولكنه من الصعب جدا أن نعيشها في أغلب الأحيان
    ونجعلها هي عمدتنا عند الفتن والمصائب والكوارث
    لعلك تعرف ( فلان ) كنت تظن أنه صاحب إيمان وتقوى و…
    ولكنه لما وقعت له المصيبة تبين لك جزعه وتسخطه على أقدار الله
    ولعلك تعرف ( فلانة ) متعلمة او مدرسة او …
    لما أصيب ابنها بذلك المرض
    إذا بها تطلق العبارات المناقضة للصبر والرضا والقادحة في كمال التوحيد
    ولعلك أنت كنت تظن أنك ممن تربى على التوكل وعدم الخوف من غير الله
    ولكنك لما جاءك تهديد من البعض
    إذا بك تخاف منهم
    وتسكت عنهم
    وتمدحهم
    إن الابتلاء يظهر لك حقيقة نفسك التي بين جنبيك
    ويخبرك بأنك بحاجة إلى توفيق الله وتثبيته في كل لحظة
    إننا بحاجة إلى أن نتربى على عبادات الشدائد
    ما أجملها من لحظة
    تقوم في آخر الليل
    تناجي ربك
    وتدعوه
    أن يكشف عنك همك
    ويزيل عنك غمك
    وترسل مع عباراتك
    قطرات من عبراتك
    لكي يتنعم ذلك الخد
    بمرور تلك الدموع
    التي ماخرجت إلا لما جائت تلك الشدائد
    إن عبادة التضرع والالتجاء ما ظهرت بقوة إلا في أوقات الشدائد
    ( يريد أن يسمع صوتك )
    ولعل البلاء قد طال بك
    والشفاء قد تأخر عنك
    فهنا تأتي عبادة أخرى وهي ( الرضا عن الله )
    فكأنك تقول ( يارب أنا راض عنك ) حتى لو لم تستجب لي
    يارب
    أنا من لي سواك
    يارب
    مهما حصل لي فلن أسخط عليك
    لأني أحبك
    يارب
    ويزداد البلاء
    وتأتي عبادة ( التوكل وتفويض الأمور إلى الله )
    لكي تكسبك قوة في الاعتماد على الله
    وتمنحك الشعور بقرب الفرج
    وهناك عبادة تدخل عليك وأنت في هذه الأثناء وهي
    ( الثقة بالله )
    فينشرح صدرك
    ويطمئن فؤادك
    وتشعر بالسكينة قد نزلت عليك
    وبعد أيام وإذا بالفرج قد نزل
    والشفاء قد حصل
    والهم قد انكشف
    والغم قد زال
    وهنا تأتي عبادة الشكر في أروع صوره
    ولايعرف هذه المعاني
    إلا من جرب
    أنواع المحن
    ومرت عليه
    صنوف الفتن
    والتثبيت يأتي من العلي الأعلى
    فأحسن ظنك بربك
    وتوكل عليه
    وابك بين يديه
    وعلق قلبك بمن يحركه
    وارفع همك إلى الذي لن تجد أرحم منه
    ولا أرأف منه
    ألم تعلم أن من أسماءه
    الرحمن
    الرحيم
    الودود
    الرؤوف
    الواسع
    الجواد
    المنان
    القريب
    المجيب
    السميع
    البصير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة